معنى: "لو دليتم بحبل إلى الأرض السابعة لوقع على الله"

السؤال: ما صحة حديث: "لو دليتم بحبل إلى الأرض السابعة لوقع على الله"؟ وما معناه؟

الإجابة

الإجابة: هذا الحديث اختلف العلماء في تصحيحه، والذين قالوا: إنه صحيح يقولون: إن معنى الحديث: لو أدليتم بحبل لوقع على الله عز وجل لأن الله تعالى محيط بكل شيء، فكل شيء هو في قبضة الله سبحانه وتعالى وكل شيء فإنه لا يغيب عن الله تعالى، حتى إن السماوات السبع والأرضين السبع في كف الرحمن عز وجل كخردلة في يد أحدنا، يقول الله تعالى في القرآن الكريم: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون دالاً على أن الله سبحانه وتعالى في كل مكان، أو على أن الله تعالى في أسفل الأرض السابعة فإن هذا ممتنع شرعاً، وعقلاً، وفطرة، لأن علو الله سبحانه وتعالى قد دل عليه كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والإجماع، والعقل، والفطرة.

فمن الكتاب قوله تعالى: {وهو القاهر فوق عباده}، وقوله: {سبح اسم ربك الأعلى}، والآيات في هذه كثيرة جداً في كتاب الله فكل آية تدل على صعود الشيء إلى الله، أو رفع الشيء إلى الله، أو نزول الشيء من الله فإنها تدل على علو الله عز وجل.

وأما السنة: فإنها متواترة على علو الله عز وجل والسنة دلت على علو الله عز وجل من قول الرسول صلى الله عليه وسلم وفعله وإقراره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء"، فهذا قول منه صلى الله عليه وسلم يدل على علو الله عز وجل، وخطب النبي صلى الله عليه وسلم في أمته يوم عرفة فقال لهم: "ألا هل بلغت؟" قالوا: نعم، فرفع إصبعه إلى السماء يقول: "اللهم اشهد"، فهذا فعل منه صلى الله عليه وسلم يدل على علو الله عز وجل، وإقراره حين سأل الجارية: "أين الله؟" قالت: في السماء. قال: "أعتقها فإنها مؤمنة".

وأما الإجماع: فقد أجمع الصحابة والتابعون لهم بإحسان من أئمة هذه الأمة وعلمائها على أن الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء، ولم ينقل عنهم حرف واحد أن الله ليس في السماء، أو أنه مختلط بالخلق أو أنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل، ولا منفصل، ولا مباين، ولا محاذٍ، بل النصوص عنهم كلها متفقة على أن الله تعالى في العلو وفوق كل شيء.

أما العقل: فقد دل على علو الله بأن نقول: هل العلو صفة كمال أو السفل؟ الجواب بالعلو والله عز وجل قد قال في كتابه: {ولله المثل الأعلى} فكل وصف أكمل فهو الله عز وجل، وإذا كان العقل يدل على أن العلو كمال وجب أن يثبت العلو لله عز وجل وتقرير ذلك أن يقال: إن الله عز وجل إما أن يكون في الأعلى، أو في الأسفل، أو في المحاذي ففي الأسفل مستحيل لنقصه، وفي المحاذي مستحيل أيضاً لنقصه، لأنه يلزم أن يكون مساوياً للمخلوق، فلم يبق إلا العلو فالله عال فوق كل شيء.

أما الفطرة: فإن كل إنسان مفطور على أن الله تعالى في السماء تجد الإنسان يقول: "يا الله" ويتجه إلى السماء فما يجد في قلبه ضرورة إلا إلى العلو، إذاً فنحن نقول: إن الله تعالى فوق كل شيء، وإذا كان فوق كل شيء فإنه لا يمكن أن يكون المراد بهذا الحديث: "لو دليتم بحبل إلى الأرض السابعة لوقع على الله" أن الله في الأرض.

فإن قيل: هل قوله تعالى: {وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم} يقتضي أن الله في الأرض كما هو في السماء؟

فالجواب: لا لأن الله تعالى يخبر عن الألوهية، ولا يخبر عن مكانه أنه في السماء والأرض، لكن يخبر أنه إله في السماء وإله في الأرض، كما تقول: فلان أمير في مكة وأمير في المدينة، فالمعنى أن إمارته ثابتة في مكة وفي المدينة وإن كان هو قطعاً في أحد البلدين وليس فيهما جميعاً، فهذه الآية تدل على أن ألوهية الله ثابتة في الأرض وفي السماء، وإن كان هو سبحانه وتعالى في السماء.



مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب السماء والصفات.