دعاء الاستفتاح والتلفظ بالنية

إنني سمعت كثيراً من المصلين يقولون بعد تكبيرة الإحرام مباشرةً أدعية مثل: وجهت وجهي إلى فاطر السماء والأرض، أو إلى الكعبة الشريفة، نويت أن أصلي صلاة العصر أو العشاء، ثم بعد ذلك يقول: الله أكبر، ويدخل في الصلاة، فما رأيكم في هذا؟

الإجابة

السنة للمؤمن إذا قام إلى الصلاة أن يستحضر عظمة ربه، وأن هذه الصلاة لها شأن عظيم، وأن الخشوع فيها مطلوب؛ كما قال الله -عز وجل-: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[المؤمنون: 1-2] فيقوم بهذه النية، بنية الدخول فيها، وإذا كبر الإمام قال بعده: الله أكبر، وإن كان منفرداً لمرض منعه من الجماعة أو في النافلة فإنه يكبر: الله أكبر، أول ما يبدأ في الصلاة، ولا يشرع له أن يقول: نويت أن أصلي كذا وكذا، هذا شيء لا أصل له. والصواب أنه غير مشروع، وأنه بدعة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ما كان يقول عند البدء بالصلاة نويت أن أصلي كذا وكذا، وما كان أصحابه يقولون ذلك، ولا الأئمة الأربعة ولا غيرهم من أهل العلم من أئمة السلف الصالح. فالسنة للمؤمن والمؤمنة أن يبدأ الصلاة بقول الله أكبر، ولا يأتي بقول: نويت أن أصلي الظهر كذا والعصر كذا والفجر كذا والجمعة كذا، فهذا لا أصل له، ولكن ينوي في قلبه أنه قائم لصلاة المعينة، الظهر العصر أو المغرب أو العشاء ويكفي، القلب هو محل النية. أما وجهت وجهي فهذا يقوله بعد الدخول، فهذا يسمى الاستفتاح، إذا كبر يقول الاستفتاح المشروع الذي كان يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنواع من الاستفتاحات أخصرها وأوجزها (سبحانك اللهم وبحمد وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك)، يقول هذا بعد التكبير، يقوله الرجل والمرأة في الفرض والنفل: (سبحانك اللهم وبحمد وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) ومعنى تعالى جدك أي عظمتك، جد الله أي عظمته -سبحانه وتعالى-، ولا إله غيرك أي لا معبود بحق في الأرض والسماء سواك يا ربنا، فهو المعبود بالحق -سبحانه وتعالى-، وما عبده الناس من دون الله من قبور وأصحاب قبور أو أنبياء أو صالحين أو كواكب أو صنم أو شجر كله باطل، فالمعبود بالحق هو الله وحده -سبحانه وتعالى-، وهذا معنى: لا إله غيرك، أي لا معبود بحق سواك، قال الله تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ[الحج: 62]. ويُشرع استفتاح آخر كان الرسول يستعملها -عليه الصلاة والسلام-، وهو ثابت عنه: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد)، هذا أيضاً كان يستعمله النبي -صلى الله عليه وسلم-، وثابت عنه في الصحيحين، فإذا فعله الإنسان قبل أن يقرأ: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) هذا مستحب وليس بواجب قبل أن يقرأ وبعد أن يكبر. وهناك نوع ثالث للاستفتاح يقول: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعاً إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، نستغفرك ونتوب إليك)، هذا نوع من الاستفتاح وهو صحيح ثابت كان في الغالب يستعمله بالليل -عليه الصلاة والسلام- وفي التطوع، وإذا استعمله الإنسان في الفريضة فلا بأس؛ لأن فعلهما واحد إلا ما خصه الدليل، ولكنه طويل ليس كل واحد يحفظه، فالأول أخصر وأيسر على العامة من الرجال والنساء، (سبحانك اللهم وبحمد، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) ثم يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، ويقرأ الحمد، ثم ما تيسر مها بعد ذلك، هذا هو المشروع. أحسن الله إليكم.