حكم التكسب بتعليم القرآن

السؤال: هل التكسب عن طريق تعليم القرآن جائز أم لا؟ وإذا كان جائزاً فهل صاحبه له حظ من الأجر على ما علمه؟

الإجابة

الإجابة: إن التكسب بالتعليم على الراجح من الأمور الجائزة، إذا لم يتعين على الإنسان، إذا كان الإنسان في بلد فيه عدد من الناس يصلحون للتعليم فإنه لا يتعين عليه ذلك فيجوز له أخذ الأجرة عليه على الراجح.

وهذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، وهي التي تسمى في الفقه بمسألة الارتزاق على الواجب، فمثلاً الإمامة والأذان ونحوهما اختلف في جواز أخذ الأجرة عليهما، فذهب الشافعي إلى حرمة ذلك مطلقاً، وذهب بعض أهل العلم إلى كراهته وهي رواية عن الحنابلة، وذهب الجمهور إلى إباحته، ولكن إذا كان الإنسان إماماً غير خطيب ولا مؤذن ولا يقوم بشيء من مصالح المسجد كالتدريس فيه فعند المالكية وكثير من أهل العلم يكره له أخذ الأجرة على مجرد الإمامة، ولذلك قال خليل رحمه الله في الأذان: "وأجرة عليه أو مع صلاة وكره عليها"، وأجرة عليه أي ويجوز أخذ أجرة عليه أي على الأذان، أو مع صلاة، إذا كان مؤذناً وإماماً أو أي مصلحة أخرى مثل التدريس وغيره، وكره عليها أي وكره أخذ الأجرة على الصلاة وحدها دون خطبة أو أذان أو تدريس أو غير ذلك، ومثل ذلك القضاء والتعليم وغيره.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله"، وهذا يقتضي إباحة أخذ الأجرة على التعليم، ونظيره الرقية فقد قال: "لَمَنْ أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق"، ومع ذلك فإن حديث عبادة بن الصامت الذي فيه أن رجلاً من أهل الصفة الذين كان يعلمهم القرآن أهدى إليه عصا، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أخذها فنهاه عن ذلك نهياً شديداً، هذا الحديث سبب النهي فيه أن عبادة موظف للدولة في هذا القطاع، فإن النبي صلى الله عليه وسلم رتبه معلماً لأهل الصفة القرآن، ومن كان موظفاً في قطاع معين لا يجوز له أخذ الأجرة على أداء ذلك العمل لأنه يتقاضى عليه راتباً آخر وهو موظف فيه فلذلك أخذه لشيء منه هو رشوة، والارتزاق هو ما كان من بيت المال أو من لدن جماعة من المسلمين كالذي يؤم الناس أو يعلم القرآن في المسجد فيأخذ أجرة ليست من شخص واحد بل من عدد من الرجال يقومون بفرض الكفاية، فهذا النوع هو من التعاون على البر والتقوى، وقد قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى}، ولا حرج فيه.

وقد حصلت طرفة لأحد القضاة من الشافعية، جاءه شاهد وهو معلم قرآن حنفي فشهد عنده في مسألة فرد شهادته، فقال علام ترد شهادتي أيها القاضي؟ قال: لأنك تأخذ أجراً على كتاب الله، قال: وأنت أيها القاضي تأخذ أجراً على كتاب الله، فقال أنا مكره، فقال أكرهوك على القضاء فهل أكرهوك على أخذ الدراهم، قال: هات شهادتك، فقبل شهادته.



نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ حفظه الله.