العمر يمضي دون أن أجد شريك الحياة.

السؤال: أنا فتاة أبلغ 27 عاماً, توفيت والدتي منذ حوالي الست سنوات مخلفةً وراءها فراغاً هائلاً وظمأً شديداً لعطفها واهتمامها، تلا ذلك انصراف والدي لحياته الخاصة ليتزوج من سيدة أكبر مني قليلاً، وبالتالي انتقل ليقيم معها في سكن آخر لتصبح علاقته بنا مقتصرةً على ما يطلبه المنزل مادياً فقط. أنا في حيرة من أمري والعمر يمضي دون أن أجد شريك الحياة خصوصاً مع الحياة المنغلقة التي أحياها، وعدم مشاركتي في الحياة الاجتماعية؛ فأنا خجولة بطبعي وشديدة الانطواء على الرغم من أنني أعمل منذ حوالي أربع سنوات, ولكنني أبتعد دائماً عن أي نشاط اجتماعي أو ترفيهي, وأرفض الاختلاط نهائياً حتى أيام الدراسة الجامعية. كنت أبتعد عن أي شاب يحاول التقرب إليّ لإحساسي أنه خطأ كبير أن أتكلم مع أحد الزملاء, ولأنني أخشى إغضاب الله سبحانه وتعالى, ولا يوجد في عائلتي من يهتم بهذه الناحية حتى عن طريق الأهل بالطريقة التقليدية, ولا أدري ماذا أفعل ؟ أرجو مساعدتي لإيجاد الحل وذلك لإحساسي أنها تعني عدداً كبيراً من الفتيات اللواتي يشاركنني هذا البحث عن بر الأمان المفقود "الزوج الصالح الذي يتقي الله فيهن ويعاملهن معاملة الإسلام ويعوضهن عن سنين القسوة والحرمان من أبسط حقوقهن الإنسانية"

الإجابة

الإجابة: كل إنسان رجلاً كان أو امرأة، قد أودع الله تعالى فيه طاقة هائلة لا يمكنه أن يتصور مقدارها، ولكن بينه وبينها حجاب إذ استطاع أن يتجاوزه، أمكنه أن يفجر كوامن طاقته على قدر ما يوفقه الله إليه، ولكن عليه بخطوتين:
أولاهما: اللجوء إلى الله تعالى، واستفتاح الخير منه، ولهذا كان النبي صلى الله وسلم يرشد إلى أن يقول من يدخل المسجد "اللهم افتح لي أبواب رحمتك"، لأن المسجد بيت الله تعالى، والداخل فيه ضيف الله تعالى، فهناك ينزل الله تعالى مكرمته لضيوفه، وذلك بأن يفتح لهم أبواب رحمته، فلا تفتح رحمة إلا الله فاتحها، ولا يغلق باب خير إلا والله تعالى صارفه من عبد إلى سواه، سبحانه بيده الخير كله، وله الملك كله ،وإليه يرجع الأمر كله علانيته وسره
الخطوة الثانية: أن يستثمر ما يتميز به من المواهب التي منحه الله إياها في طاعة الله تعالى، ويتقرب بها إلى الله تعالى، وهذا هو أول خيط النجاح، فمثلا كون المرأة خجولة أمر محمود ليس مذموماً، فالحياء خير كله، وكونها تحب الوحدة، وتكره مخالطة الناس هو أيضاً يمكن أن يتحول إلى أكبر مورد من موارد النجاح، فالخلوة لذكر الله تعالى، والعبادة، وتلاوة القرآن، أيسر على من لا يحب مخالطة الناس، ولهذا ينبغي أن تستغل هذه الناحية في الخير، فيكون كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم من: "ذكر الله خالياً ففاضت عيناه".
وإذا فتح الله على العبد باباً من أبواب الخير حبب إليه فيه الإيمان، وزينه في قلبه، وتعلق قبله به، وعاش في رحاب الإيمان، يتشوق إلى ليل يخلو فيه بربه، ويتنزل على قلبه من الألطاف الإلهية، والمنح الربانية، ومن حلاوة الإيمان، وانشراح الصدر، واطمئنان القلب، إذا فاز بهذا النعيم، فلسوف ينظر إلى الدنيا كلها بعين البصيرة، لا عين البصر، فيراها لهواً ولعباً، لا تستحق أن ينتظر منها شيئاً، بل ينظر إلى كل شيء فيه إلى أنه ينبغي تحويله إلى وسيلة لثواب الآخرة، ويحصل في قلبه من الرضا بالله تعالى، والركون إلى التوكل عليه وتفويض الأمور إليه، ما هو أحب إليه من كل متاع الدنيا. فلماذا الناس عن هذا غافلون، فيدعون الدنيا تنغص عليهم وما يستحق والله شيء فيها أن ينغص على عاقل حياته، لو كانوا يعلمون، والله أعلم.