تطبيق قوله تعالى وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ على من يكون

هل من لا يطبق حكم الله يطلق عليه لفظ كافر؟ كما قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[المائدة:44]، أم أن هذا اللفظ لمن يقول: بأن حكم الله لا يصلح لهذه الدنيا؟

الإجابة

يطلق عليه أنه كافر وظالم وفاسق، لكن إن كان يرى أن حكم الله لا يصلح أو أنه يجوز تحكيم القوانين هذا كفر أكبر، فإن كان لا يرى ذلك، ولكنه يفعل ذلك عن معصية، وعن هوى، فهو كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، فإطلاق الكفر عليه والظلم والفسق جائز على كلا الحالين، أو الأحوال الثلاثة، لكن إن كان استجاز الحكم بغير ما أنزل الله، واستباحه سواء قال: أن حكم الله أفضل، أو مساوم، أو قال: أن حكم الطاغوت أفضل، فهو بهذا مرتد، وكفره كفر أكبر، وظلم أكبر، وفسق أكبر، أما إذا حكم بغير ما أنزل الله، لهوى في نفسه، على المحكوم، أو لمصلحة المحكوم له، أو لرشوة أخذها من المحكوم له، هذا كله يكون من باب الكفر الأصغر، والظلم الأصغر، والفسق الأصغر، وإن أطلق عليه كفر، وإنما كفر بهذا المعنى، من باب الزجر، نسأل الله العافية. الشيخ عبد العزيز، الواقع أستقل كل سؤال يأتي بعد تلك الأسئلة نظراً لأهميتها، بقى من وقت هذه الحلقة عن الموضوع ذاته شيخ عبد العزيز ليكون بلاغ إلى الناس؟ هذا الموضوع من أهم الموضوعات ومن أخطرها، لأن غالب الدول المنتسبة إلى الإسلام، لا تحكم شرع الله في كل شيء، وإنما في بعض الشيء كالأحوال الشخصية أو العبادات، وهذا لا شك خطأ عظيم وجريمة كبيرة، فالواجب على جميع حكام المسلمين التوبة إلى الله من ذلك، والرجوع إلى الصواب والحق، وأن يحكموا شرع الله، في عباد الله في كل شيء، في العبادات والمعاملات، والجنايات، والأحوال الشخصية، وفي كل شأن من شؤونهم، لقول الله -جل وعلا-: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا[النساء: 65]، ولقوله -سبحانه-: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ[المائدة: 50]، بعد قوله: وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ[المائدة: 49]، ثم قال بعده: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ[المائدة: 50]، ليس هناك حكم أحسن من حكم الله -عز وجل-، وسبق قوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ[المائدة: 44]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[المائدة: 45]، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ[المائدة: 47]، هل يرضى مسلم أن يكون موصوفاً بهذا الوصف، وأي شيء يرجى من وراء قوانين البشر وآرائهم وعوائدهم التي درجوا عليها، في شرع الله الكفاية، والغنية والمغنى في كل شيء. فالواجب على كل حاكم سواء كان ملكاً أو رئيس جمهورية أو بأي اسم سمي أو أميراً الواجب عليه أن يحكم شرع الله، وأن يلزم من لديه بذلك، يلزم الشعب بالتحاكم إلى شرع الله، وأن ينصب القضاة وأن يهيأ لهم ما يعينهم على ذلك، وأن يوجد من الأسباب ما يحصل به وجود القضاة العارفون بشرع الله -عز وجل-، فلا بد من إيجاد الدراسة الكافية في العلوم الشرعية، في الجامعات، وغير الجامعات، كالمساجد فليس بشرط التعلم بأن يكون هناك جامعات، بل في أي مكان، في المسجد في المدرسة أو الجامعة لا بد من إيجاد من يتعلم علوم الشريعة حتى يصلح لأن يكون قاضياً يحكم بين الناس، ولا يجوز أبداً أن يحكم بين الناس بقضاء وضعية التي وضعها الرجال في آرائهم، بل يجب أن يسند الحكم إلى شرع الله، وأن يؤخذ الحكم من شرع الله بين عباد الله، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.