قضاء الصيام

في الماضي قبل حوالي أربعين سنة تقريباً كانت الأحوال المادية والاجتماعية سيئة، وأنا أبلغ من العمر الآن ستين سنة، وكان يأتي شهر رمضان ولا أصوم لعدة أسباب منها: ضعف في الوازع الديني؛ لعدم علمي ولجهلي في كل أمور الدين، ولأني كنت أرعى الغنم في الحر الشديد في الصحراء، واضطررت للإفطار، استمر هذا الوضع إلى أن أفطرت أربعة شهور أي في أربع سنوات، فماذا علي، هل علي قضاء، أم أن لي توبة بحكم إقلاعي عن ذلك العمل، ولأنني أبشركم تفقهت وهداني الله للإسلام، أم ماذا علي، وما صفة القضاء إذا لزم؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابة

الواجب عليك القضاء، مع التوبة إلى الله والندم، والعزم الصادق على ألا تعود في ذلك، وعليك القضاء للشهور الأربعة، ولا يلزمك التتابع تقضيها ولو متفرقة، لا يلزم التتابع تصوم وتفطر حتى تكملها إن شاء الله، وعليك مع ذلك إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع لكل مسكين عن كل يوم، تمر أو بر أو رز، أو حنطة، يعني نصف صاع من قوت بلدك، والمقدار كيلو ونصف عن كل يوم مع القدرة، فإن كنت فقيراً لا تقدر فليس عليك إلا الصوم فقط، تصومها وتستعين بالله جل وعلا، مع التوبة إلى الله، وهذا هو الواجب على المسلم، لأن الله يقول: ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر، فإذا كان المريض والمسافر يقضي، فالمتساهل يقضي من باب أولى، مع التوبة إلى الله سبحانه وتعالى. الملاحظ سماحة الشيخ أن تارك الصيام يقضي ولا يقضي تارك الصلاة؟ لأن تارك الصلاة كافر، والكافر ليس له دواء إلا التوبة، كما قال جل وعلا: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف، وأما تارك الصوم فالصحيح أنه لا يكفر، لكنه يكون عاصي، وهكذا تارك الزكاة وهكذا تارك الحج مع الاستطاعة، أخر الحج عليه التوبة إلى الله وأن يصوم ويحج ويزكي، أما تارك الصلاة، فهي عمود الإسلام، نسأل الله العافية، فإذا من الله عليه بالتوبة كفت التوبة ولا قضاء عليه، هذا هو الصحيح من كلام أهل العلم؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقال - صلى الله عليه وسلم - (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، ولم يقل مثل هذا في الزكاة ولا في الصوم ولا في الحج عليه الصلاة والسلام، فدل على أن الصلاة لها شأن عظيم، أعظم من شأن الزكاة والصيام والحج.