سئل شيخ الإسلام قدس اللّه روحه عن (الصوفية)

السؤال: سئل شيخ الإسلام قدس اللّه روحه عن (الصوفية)

الإجابة

الإجابة: سُئِلَ شيخ الإسلام قدسَ الله روحَهُ عن ‏(‏الصوفية‏)‏ وأنهم أقسام و‏(‏الفقراء‏)‏ أقسام، فما صفة كل قسم‏؟‏ وما يجب عليه ويستحب له أن يسلكه ‏؟‏

فأجاب ‏:‏

الحمد للّه‏.

‏‏أما لفظ ‏(‏الصوفية‏)‏‏:‏ فإنه لم يكن مشهوراً في القرون الثلاثة، وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك، وقد نقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ؛ كالإمام أحمد ابن حنبل، وأبي سليمان الداراني، وغيرهما‏.

‏‏ وقد روى عن سفيان الثوري أنه تكلم به، وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري، وتنازعوا في المعنى الذي أضيف إليه الصوفي، فإنه من أسماء النسب؛ كالقرشي، والمدني، وأمثال ذلك‏.‏

فقيل‏:‏ إنه نسبة إلى ‏(‏أهل الصفة‏)‏ وهو غلط؛ لأنه لو كان كذلك لقيل‏:‏ صُفِّيّ‏.

‏‏ وقيل‏:‏ نسبة إلى الصف المقدم بين يدي الله، وهو أيضاً غلط؛ فإنه لو كان كذلك لقيل‏:‏ صَفِّيّ‏.

‏‏ وقيل‏:‏ نسبة إلى الصفوة من خلق الله وهو غلط؛ لأنه لو كان كذلك لقيل‏:‏ صفوي‏.‏

وقيل‏:‏ نسبة إلى صوفة بن بشر بن أدِّ بن طابخة، قبيلة من العرب كانوا يجاورون بمكة من الزمن القديم، ينسب إليهم النساك، وهذا وإن كان موافقاً للنسب من جهة اللفظ، فإنه ضعيف أيضاً؛ لأن هؤلاء غير مشهورين، ولا معروفين عند أكثر النساك، ولأنه لو نسب النساك إلى هؤلاء لكان هذا النسب في زمن الصحابة والتابعين وتابعيهم أولى، ولأن غالب من تكلم باسم ‏(‏الصوفى‏)‏ لا يعرف هذه القبيلة، ولا يرضى أن يكون مضافاً إلى قبيلة في الجاهلية لا وجود لها في الإسلام‏.

‏‏ وقيل وهو المعروف ‏:‏ إنه نسبة إلى لبس الصوف؛ فإنه أول ما ظهرت الصوفية من البصرة، وأول من بنى دويرة الصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد‏[‏عبد الواحد بن زيد أبو عبيدة البصرى شيخ الصوفية وواعظهم، لحق الحسن البصرى وغيره‏.

‏‏ قال البخارى‏:‏ تركوه‏.

‏‏ وقال النسائى‏:‏ متروك الحديث‏.‏

وقال الجوزجانى‏:‏ سيئ المذهب، ليس من معادن الصدق‏.‏

توفى بعد الخمسين ومائة من الهجرة‏.‏ ‏[‏ سير أعلام النبلاء 7/178 180، ميزان الاعتدال 2/372- 376‏]‏‏.‏

وعبد الواحد من أصحاب الحسن، وكان فى البصرة من المبالغة فى الزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك، ما لم يكن في سائر أهل الأمصار؛ ولهذا كان يقال ‏:‏ فقه كوفي، وعبادة بصرية‏.

‏‏ وقد روى أبو الشيخ الأصبهاني بإسناده عن محمد بن سيرين أنه بلغه أن قوما يفضلون لباس الصوف، فقال‏:‏ إن قوما يتخيرون الصوف، يقولون‏:‏ أنهم متشبهون بالمسيح ابن مريم، وهدي نبينا أحب إلينا، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس القطن وغيره، أو كلاما نحوا من هذا‏.

‏‏ ولهذا غالب ما يحكي من المبالغة في هذا الباب إنما هو عن عباد أهل البصرة، مثل حكاية من مات أو غشى عليه في سماع القرآن، ونحوه‏.

‏‏ كقصة زرارة بن أوفى قاضي البصرة فإنه قرأ في صلاة الفجر‏:‏ ‏{‏‏فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ‏}‏‏ ‏[‏ المدثر‏:‏ 8 ‏]‏ فخر ميتا، وكقصة أبي جهير الأعمى الذي قرأ عليه صالح المري فمات، وكذلك غيره ممن روى أنهم ماتوا باستماع قراءته، وكان فيهم طوائف يصعقون عند سماع القرآن، ولم يكن في الصحابة من هذا حاله؛ فلما ظهر ذلك أنكر ذلك طائفة من الصحابة والتابعين‏:‏ كأسماء بنت أبي بكر، وعبد الله بن الزبير، ومحمد بن سيرين، ونحوهم ‏.

‏‏ والمنكرون لهم مأخذان‏:‏

منهم من ظن ذلك تكلفا وتصنعا‏.

‏‏ يذكر عن محمد بن سيرين أنه قال‏:‏ ما بيننا وبين هؤلاء الذين يصعقون عند سماع القرآن إلا أن يقرأ على أحدهم وهو على حائط فإن خر فهو صادق‏.‏

ومنهم من أنكر ذلك لأنه رآه بدعة مخالفا لما عرف من هدى الصحابة، كما نقل عن أسماء، وابنها عبد الله‏.

‏‏ والذي عليه جمهور العلماء أن الواحد من هؤلاء إذا كان مغلوبا عليه لم ينكر عليه، وإن كان حال الثابت أكمل منه؛ ولهذا لما سئل الإمام أحمد عن هذا‏.‏

فقال‏:‏ قرئ القرآن على يحيى بن سعيد القطان فغشي عليه ولو قدر أحد أن يدفع هذا عن نفسه لدفعه يحيى ابن سعيد، فما رأيت أعقل منه، ونحو هذا‏.

‏‏ وقد نقل عن الشافعي أنه أصابه ذلك، وعلي بن الفضيل بن عياض قصته مشهورة، وبالجملة فهذا كثير ممن لا يستراب في صدقه‏.

‏‏ لكن الأحوال التي كانت في الصحابة هي المذكورة في القرآن، وهي وجل القلوب، ودموع العين، واقشعرار الجلود، كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ‏}‏‏ ‏[‏الأنفال‏:‏ 2‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ الله‏}‏‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 23‏]‏‏.‏

وقال تعَالى‏:‏ ‏{‏‏إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِم آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً‏}‏‏‏[‏مريم‏:‏ 58‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏‏وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ‏}‏‏‏[‏المائدة‏:‏ 83 ‏]‏ وقال‏:‏ ‏{‏‏وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً‏}‏‏ ‏[‏الإسراء‏:‏ 109‏]‏‏.

‏‏ وقد يذم حال هؤلاء من فيه من قسوة القلوب والرين عليها، والجفاء عن الدين، ماهو مذموم، وقد فعلوا، ومنهم من يظن أن حالهم هذا أكمل الأحوال وأتمها وأعلاها، وكلا طرفي هذه الأمور ذميم‏.‏

بل المراتب ثلاث‏:‏

أحدها‏:‏ حال الظالم لنفسه الذي هو قاسي القلب، لا يلين للسماع والذكر، وهؤلاء فيهم شبه من اليهود‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏‏ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله وَمَا الله بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏}‏‏ ‏[‏ البقرة‏:‏ 74 ‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ‏}‏‏ ‏[‏ الحديد‏:‏ 16‏]‏ ‏.‏

والثانية‏:‏ حال المؤمن التقي الذي فيه ضعف عن حمل ما يرد على قلبه، فهذا الذي يصعق صعق موت، أو صعق غشي، فإن ذلك إنما يكون لقوة الوارد، وضعف القلب عن حمله، وقد يوجد مثل هذا في من يفرح أو يخاف أو يحزن أو يحب أمورا دنيوية، يقتله ذلك أو يمرضه أو يذهب بعقله‏.

‏‏ ومن عباد الصور من أمرضه العشق أو قتله أو جننه، وكذلك في غيره، ولا يكون هذا إلا لمن ورد عليه أمر ضعفت نفسه عن دفعه، بمنزلة ما يرد على البدن من الأسباب التي تمرضه أو تقتله، أو كان أحدهم مغلوبا على ذلك‏.

‏‏ فإذا كان لم يصدر منه تفريط ولا عدوان، لم يكن فيه ذنب فيما أصابه، فلا وجه للريبة‏.

‏‏ كمن سمع القرآن السماع الشرعي، ولم يفرط بترك ما يوجب له ذلك، وكذلك ما يرد على القلوب مما يسمونه السكر والفنا، ونحو ذلك من الأمور التي تغيب العقل بغير اختيار صاحبها؛ فإنه إذا لم يكن السبب محظورا لم يكن السكران مذموما، بل معذورا فإن السكران بلا تمييز، وكذلك قد يحصل ذلك بتناول السكر من الخمر والحشيشة فإنه يحرم بلا نزاع بين المسلمين، ومن استحل السكر من هذه الأمور فهو كافر، وقد يحصل بسبب محبة الصور وعشقها كما قيل‏:‏

سكران‏:‏ سكر هوى، وسكر مدامة**ومتى إفاقة من به سكران

وهذا مذموم، لأن سببه محظور، وقد يحصل بسبب سماع الأصوات المطربة التي تورث مثل هذا السكر، وهذا أيضاً مذموم، فإنه ليس للرجل أن يسمع من الأصوات التي لم يؤمر بسماعها ما يزيل عقله؛ إذ إزالة العقل محرم‏.

‏‏ و متى أفضى إليه سبب غير شرعي كان محرما، وما يحصل في ضمن ذلك من لذة قلبية أو روحية، ولو بأمور فيها نوع من الإيمان، فهي مغمورة بما يحصل معها من زوال العقل، ولم يأذن لنا الله أن نمتع قلوبنا ولا أرواحنا من لذات الإيمان ولا غيرها بما يوجب زوال عقولنا؛ بخلاف من زال عقله بسبب مشروع، أو بأمر صادفه لا حيلة له في دفعه‏.

‏‏ وقد يحصل السكر بسبب لا فعل للعبد فيه، كسماع لم يقصده يهيج قاطنه، ويحرك ساكنه، ونحو ذلك‏.‏

وهذا لا ملام عليه فيه، وما صدر عنه في حال زوال عقله فهو فيه معذور؛ لأن القلم مرفوع عن كل من زال عقله بسبب غير محرم، كالمغمي عليه والمجنون ونحوهما‏.‏

ومن زال عقله بالخمر‏.

‏‏ فهل هو مكلف حال زوال عقله‏؟‏ فيه قولان مشهوران، وفي طلاق من هذه حاله نزاع مشهور، ومن زال عقله بالبنج يلحق به، كما يقوله من يقوله من أصحاب الشافعي وأحمد، وقيل يفرق بينه وبين الخمر؛ لأن هذا يشتهي، وهذا لا يشتهي؛ ولهذا أوجب الحد في هذا دون هذا، وهذا هو المنصوص عن أحمد ومذهب أبي حنيفة‏.

‏‏ ومن هؤلاء من يقوى عليه الوارد حتى يصير مجنوناً، إما بسبب خلط يغلب عليه، وإما بغير ذلك، ومن هؤلاء عقلاء المجانين الذين يعدون في النساك، وقد يسمون المولهين ‏[‏المولهين‏:‏ الوَلهُ‏:‏ الحزن، وقيل‏:‏ هو ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد أو الحزن‏.‏‏‏]‏‏.

‏‏ قال فيهم بعض العلماء‏:‏ هؤلاء قوم أعطاهم الله عقولاً وأحوالاً؛ فسلب عقولهم، وأسقط ما فرض بما سلب‏.‏

فهذه الأحوال التي يقترن بها الغشي أو الموت أو الجنون أو السكر أو الفناء حتى لا يشعر بنفسه ونحو ذلك، إذا كانت أسبابها مشروعة وصاحبها صادقا عاجزا عن دفعها كان محمودا على ما فعله من الخير وما ناله من الإيمان، معذورا فيما عجز عنه وأصابه بغير اختياره وهم أكمل ممن لم يبلغ منزلتهم لنقص إيمانهم وقسوة قلوبهم ونحو ذلك من الأسباب التي تتضمن ترك ما يحبه الله أو فعل ما يكرهه الله‏.‏

ولكن من لم يزل عقله، مع أنه قد حصل له من الإيمان ما حصل لهم أو مثله أو أكمل منه فهو أفضل منهم‏.

‏‏ وهذه حال الصحابة رضي الله عنهم وهو حال نبينا صلى الله عليه وسلم فإنه أسرى به إلى السماء وأراه الله ما أراه، وأصبح كبائت لم يتغير عليه حاله، فحاله أفضل من حال موسى صلى الله عليه وسلم الذي خر صعقا لما تجلى ربه للجبل وحال موسى حال جليلة علية فاضلة، لكن حال محمد صلى الله عليه وسلم أكمل وأعلا وأفضل‏.

‏‏ والمقصود‏:‏ أن هذه الأمور التي فيها زيادة في العبادة والأحوال خرجت من البصرة، وذلك لشدة الخوف، فإن الذي يذكرونه من خوف عتبة الغلام وعطاء السليمي وأمثالهما أمر عظيم‏.

‏‏ ولا ريب أن حالهم أكمل وأفضل ممن لم يكن عنده من خشية الله ما قابلهم أو تفضل عليهم‏.‏

ومن خاف الله خوفا مقتصدا يدعوه إلى فعل ما يحبه الله وترك ما يكرهه الله من غير هذه الزيادة فحاله أكمل وأفضل من حال هؤلاء، وهو حال الصحابة رضي الله عنهم وقد روى‏:‏ أن عطاء السليمي رضي الله عنه رؤى بعد موته فقيل له‏:‏ ما فعل الله بك‏؟‏ فقال‏:‏ قال لي‏:‏ يا عطاء‏!‏ أما استحيت مني أن تخافني كل هذا‏؟‏‏!‏ أما بلغك أني غفور رحيم‏؟‏‏!‏‏.

‏‏ وكذلك ما يذكر عن أمثال هؤلاء من الأحوال من الزهد والورع والعبادة وأمثال ذلك قد ينقل فيها من الزيادة على حال الصحابة رضي الله عنهم وعلى ما سنه الرسول أمور توجب أن يصير الناس طرفين ‏:‏

قوم يذمون هؤلاء و ينتقصونهم وربما أسرفوا في ذلك‏.

‏‏ و قوم يغلون فيهم ويجعلون هذا الطريق من أكمل الطرق وأعلاها‏.

‏‏ و التحقيق أنهم في هذه العبادات والأحوال مجتهدون كما كان جيرانهم من أهل الكوفة مجتهدين في مسائل القضاء والإمارة ونحو ذلك‏.‏

و خرج فيهم الرأي الذي فيه من مخالفة السنة ما أنكره جمهور الناس‏.‏

وخيار الناس من ‏(‏أهل الفقه والرأي‏)‏ في أولئك الكوفيين على طرفين‏:‏

قوم يذمونهم ويسرفون في ذمهم ‏.‏

وقوم يغلون في تعظيمهم ويجعلونهم أعلم بالفقه من غيرهم وربما فضلوهم على الصحابة‏.

‏‏ كما أن الغلاة في أولئك العباد قد يفضلونهم على الصحابة، وهذا باب يفترق فيه الناس‏.‏

والصواب‏:‏ للمسلم أن يعلم أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وخير القرون القرن الذي بعث فيهم، وأن أفضل الطرق والسبل إلى الله ما كان عليه هو وأصحابه، ويعلم من ذلك أن على المؤمنين أن يتقوا الله بحسب اجتهادهم ووسعهم، كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ}‏‏ ‏[‏ التغابن ‏:‏ 16 ‏]‏ وقال صلى الله عليه وسلم "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم‏"،، وقال‏:‏ ‏{‏‏لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 285‏]‏‏.

‏‏ وإن كثيرا من المؤمنين المتقين أولياء الله قد لا يحصل لهم من كمال العلم والإيمان ما حصل للصحابة، فيتقى الله ما استطاع ويطيعه بحسب اجتهاده، فلابد أن يصدر منه خطأ إما في علومه وأقواله وإما في أعماله وأحواله، ويثابون على طاعتهم ويغفر لهم خطاياهم؛ فإن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏‏آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِالله وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا‏}‏‏ ‏[‏ البقرة‏:‏ 285- 286 ‏]‏ قال الله تعالى‏:‏ قد فعلت‏.‏

فمن جعل طريق أحد من العلماء والفقهاء، أو طريق أحد من العباد والنساك أفضل من طريق الصحابة فهو مخطئ، ضال مبتدع، ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموما معيبا ممقوتا، فهو مخطئ ضال مبتدع‏.

‏‏ ثم الناس في الحب والبغض والموالاة والمعاداة هم أيضا مجتهدون، يصيبون تارة، ويخطئون تارة، وكثير من الناس إذا علم من الرجل ما يحبه، أحب الرجل مطلقا، وأعرض عن سيئاته، وإذا علم منه ما يبغضه أبغضه مطلقا، أعرض عن حسناته، محاط وحال من يقول بالتحافظ وهذا من أقوال أهل البدع والخوارج والمعتزلة والمرجئة‏.

‏‏ وأهل السنة والجماعة يقولون ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع وهو أن المؤمن يستحق وعد الله وفضله الثواب على حسناته، ويستحق العقاب على سيئاته، وإن الشخص الواحد يجتمع فيه ما يثاب عليه، وما يعاقب عليه، وما يحمد عليه وما يذم عليه، وما يحب منه وما يبغض منه، فهذا هذا‏.

‏‏ وإذا عرف أن منشأ ‏(‏التصوف‏)‏ كان من البصرة، وأنه كان فيها من يسلك طريق العبادة والزهد، مما له فيه اجتهاد، كما كان في الكوفة من يسلك من طريق الفقه والعلم ماله فيه اجتهاد، وهؤلاء نسبوا إلى اللبسة الظاهرة، وهي لباس الصوف‏.

‏‏ فقيل في أحدهم‏:‏ ‏(‏صوفي‏)‏ وليس طريقهم مقيدا بلباس الصوف، ولا هم أوجبوا ذلك ولا علقوا الأمر به، لكن أضيفوا إليه لكونه ظاهر الحال‏.

‏‏ ثم‏(‏التصوف‏)‏ عندهم له حقائق وأحوال معروفة قد تكلموا في حدوده وسيرته وأخلاقه، كقول بعضهم‏:‏ ‏(‏الصوفي‏)‏ من صفا من الكدر، وامتلأ من الفكر، واستوى عنده الذهب والحجر‏.‏

التصوف كتمان المعاني، وترك الدعاوي‏.

‏‏ وأشباه ذلك‏:‏ وهم يسيرون بالصوفي إلى معنى الصديق، وأفضل الخلق بعد الأنبياء الصديقون‏.

‏‏ كما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً‏}‏‏ ‏[‏النساء‏:‏ 69‏]‏ ولهذا ليس عندهم بعد الأنبياء أفضل من الصوفي؛ لكن هو في الحقيقة نوع من الصديقين، فهو الصديق الذي اختص بالزهد والعبادة على الوجه الذي اجتهدوا فيه، فكان الصديق من أهل هذه الطريق، كما يقال‏:‏ صديقوا العلماء، وصديقوا الأمراء، فهو أخص من الصديق المطلق، ودون الصديق الكامل الصديقية من الصحابة والتابعين وتابعيهم‏.

‏‏ فإذا قيل عن أولئك الزهاد والعباد من البصريين‏:‏ إنهم صديقون فهو كما يقال عن أئمة الفقهاء من أهل الكوفة أنهم صديقون أيضاً، كل بحسب الطريق الذي سلكه من طاعة الله ورسوله بحسب اجتهاده وقد يكونون من أجلِّ الصديقين بحسب زمانهم، فهم من أكمل صديقي زمانهم، والصديق في العصر الأول أكمل منهم، والصديقون درجات وأنواع؛ ولهذا يوجد لك منهم صنف من الأحوال والعبادات، حققه وأحكمه وغلب عليه، وإن كان غيره في غير ذلك الصنف أكمل منه وأفضل منه‏.‏

ولأجل ما وقع في كثير منهم من الاجتهاد والتنزع فيه تنازع الناس في طريقهم؛ فطائفة ذمت ‏(‏الصوفية والتصوف‏)‏‏.‏ وقالوا‏:‏ إنهم مبتدعون، خارجون عن السنة، ونقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف، وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام‏.

‏‏ وطائفة غلت فيهم، وادعوا أنهم أفضل الخلق، وأكملهم بعد الأنبياء وكلا طرفي هذه الأمور ذميم‏.

‏‏ و‏(‏الصواب‏)‏ أنهم مجتهدون في طاعة الله، كما اجتهد غيرهم من أهل طاعة الله، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين، وفي كل من الصنفين من قد يجتهد فيخطئ، وفيهم من يذنب فيتوب أو لا يتوب‏.‏

ومن المنتسبين إليهم من هو ظالم لنفسه، عاص لربه‏.‏

وقد انتسب إليهم طوائف من أهل البدع والزندقة؛ ولكن عند المحققين من أهل التصوف ليسوا منهم‏:‏ كالحلاج مثلا؛ فإن أكثر مشائخ الطريق أنكروه، وأخرجوه عن الطريق‏.‏

مثل‏:‏ الجنيد بن محمد سيد الطائفة وغيره‏.‏

كما ذكر ذلك الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي؛ في ‏(‏طبقات الصوفية‏)‏ وذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد‏.‏

فهذا أصل التصوف‏.

‏‏ ثم أنه بعد ذلك تشعب وتنوع، وصارت الصوفية ‏(‏ثلاثة أصناف‏)‏‏:‏ صوفية الحقائق وصوفية الأرزاق وصوفية الرسم‏.

‏‏ فأما ‏(‏صوفية الحقائق‏)‏‏:‏ فهم الذين و صفناهم‏.

‏‏ وأما ‏(‏صوفية الأرزاق‏)‏ فهم الذين وقفت عليهم الوقوف‏.‏

كالخوانك فلا يشترط في هؤلاء أن يكونوا من أهل الحقائق‏.

‏فإن هذا عزيز وأكثر أهل الحقائق لا يتصفون بلزوم الخوانك؛ ولكن يشترط فيهم ثلاثة شروط‏:‏

‏(‏أحدها‏)‏‏:‏ العدالة الشرعية بحيث يؤدون الفرائض ويجتنبون المحارم‏.‏

و‏(‏الثاني‏)‏‏:‏ التأدب بآداب أهل الطريق، وهي الآداب الشرعية في غالب الأوقات، وأما الآداب البدعية الوضعية فلا يلتفت إليها‏.

‏‏ و‏(‏الثالث‏)‏‏:‏ أن لا يكون أحدهم متمسكاً بفضول الدنيا، فأما من كان جماعا للمال، أو كان غير متخلق بالأخلاق المحمودة، ولا يتأدب بالآداب الشرعية، أو كان فاسقا فإنه لا يستحق ذلك‏.

‏‏ وأما صوفية الرسم‏:‏ فهم المقتصرون على النسبة، فهمهم في اللباس والآداب الوضعية، ونحو ذلك فهؤلاء في الصوفية بمنزلة الذي يقتصر على زي أهل العلم وأهل الجهاد ونوع مَّا من أقوالهم وأعمالهم بحيث يظن الجاهل حقيقة أمره أنه منهم وليس منهم‏.‏

وأما اسم ‏(‏الفقير‏)‏‏:‏ فإنه موجود في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لكن المراد به في الكتاب والسنة الفقير المضاد للغني‏.

‏‏ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

و‏(‏الفقراء والفقر‏)‏ أنواع‏:‏ فمنه المسوغ لأخذ الزكاة‏.

‏‏ و ضده الغني المانع لأخذ الزكاة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تحل الصدقة لغني ولا لقوي مكتسب‏"‏‏ والغني الموجب للزكاة غير هذا عند جمهور العلماء‏.‏

كمالك والشافعي وأحمد، وهو ملك النصاب وعندهم قد تجب على الرجل الزكاة، ويباح له أخذ الزكاة خلافا لأبي حنيفة‏.‏

والله سبحانه قد ذكر الفقراء في مواضع؛ لكن ذكر الله الفقراء المستحقين للزكاة في آية والفقراء المستحقين للفيء في آية‏.‏ فقال في الأولى‏:‏ ‏{‏‏إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ‏}‏‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ الله لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ‏}‏‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 271-‏ 273‏]‏‏.‏

وقال في الثانية‏:‏ ‏{‏‏مَّا أَفَاء الله عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى‏}‏‏ الآية إلى قوله‏:‏ ‏{‏‏لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ الله وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ‏}‏‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 7-8‏]‏‏.

‏‏ وهؤلاء ‏[‏الفقراء‏]‏ قد يكون فيهم من هو أفضل من كثير من الأغنياء، وقد يكون من الأغنياء من هو أفضل من كثير منهم‏.

‏‏ وقد تنازع الناس أيما أفضل‏:‏ الفقير الصابر، أوالغني الشاكر‏؟‏ والصحيح‏:‏ أن أفضلهما أتقاهما؛ فإن استويا في التقوى استويا في الدرجة كما قد بيناه في غير هذا الموضع، فإن الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنة لأنه لا حساب عليهم‏.‏

ثم الأغنياء يحاسبون، فمن كانت حسناته أرجح من حسنات فقير، كانت درجته في الجنة أعلى، وإن تأخر عنه في الدخول‏.‏

و من كانت حسناته دون حسناته كانت درجته دونه؛ لكن لما كان جنس الزهد في الفقراء أغلب صار الفقر في اصطلاح كثير من الناس عبارة عن طريق الزهد، وهو من جنس التصوف‏.

‏‏ فإذا قيل‏:‏ هذا فيه فقر أو ما فيه فقر لم يرد به عدم المال، ولكن يراد به ما يراد باسم الصوفي من المعارف والأحوال والأخلاق، والآداب ونحو ذلك‏.

‏‏ وعلى هذا الاصطلاح قد تنازعوا أيما أفضل‏:‏ الفقير، أو الصوفي ‏؟‏ فذهب طائفة إلي ترجيح الصوفي، كأبي جعفر السهروردي ونحوه، وذهب طائفة إلى ترجيح الفقير كطوائف كثيرين وربما يختص هؤلاء بالزوايا وهؤلاء بالخوانك ونحو ذلك، وأكثر الناس قد رجحوا الفقير‏.

‏‏ والتحقيق أن أفضلهما أتقاهما، فإن كان الصوفي أتقى للّه كان أفضل منه، وهو أن يكون أعمل بما يحبه الله، وأترك لما لا يحبه فهو أفضل من الفقير، وإن كان الفقير أعمل بما يحبه الله وأترك لما لا يحبه كان أفضل منه، فإن استويا في فعل المحبوب وترك غير المحبوب استويا في الدرجة‏.

‏‏ و أولياء الله هم المؤمنون المتقون، سواء سمى أحدهم فقيراً أو صوفياً أو فقيهاً أو عالماً أو تاجراً أو جندياً أو صانعاً أو أميراً أو حاكماً أو غير ذلك‏.

‏‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏‏أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ‏}‏‏ ‏[‏يونس‏:‏ 62- 63‏]‏‏.

‏‏ وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يقول الله تعالى‏:‏ من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه؛ فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته، ولابد له منه‏"‏‏‏.

‏‏ وهذا الحديث قد بين فيه أولياء الله المقتصدين، أصحاب اليمين والمقربين السابقين‏.

‏‏ فالصنف الأول‏:‏ الذين تقربوا إلى الله بالفرائض‏.

‏‏ والصنف الثاني‏:‏ الذي تقربوا إليه بالنوافل بعد الفرائض، وهم الذين لم يزالوا يتقربون إليه بالنوافل حتى أحبهم، كما قال تعالى‏.

‏‏ وهذان الصنفان قد ذكرهم الله في غير موضع من كتابه كما قال‏:‏ ‏{‏‏ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ‏}‏‏ ‏[‏فاطر‏:‏ 32‏]‏ وكما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏‏إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ‏}‏‏ ‏[‏المطففين‏:‏ 22-28‏]‏ قال ابن عباس‏:‏ يشرب بها المقربون صرفا وتمزج لأصحاب اليمين مزجاً‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً}‏‏ ‏[‏الإنسان‏:‏ 17- 18‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ‏}‏‏ ‏[‏الواقعة‏:‏ 8-11‏]‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ‏}‏‏ ‏[‏الواقعة‏:‏ 88-91‏]‏‏.

‏‏ وهذا الجواب فيه جمل تحتاج إلى تفصيل طويل لم يتسع له هذا الموضع، والله أعلم.



مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الجزء الحادي عشر.