التشهد

السؤال: هل يُقال التشهد في السجود القبلي والسجود البعدي ؟

الإجابة

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فالذي يظهر من السؤال -والعلم عند الله- أن السائل يسأل عن التشهد بعد سجدتي السهو،فإن كان الأمر كذلك؛ فقد اختلف العلماء في ذلك:

فإذا سجد سجدتي السهو قبل السلام، فالجمهور على أنه لا يعيد التشهد، وخالف الليثُ ابن سعد - كما حَكاه ابن عبد البر– وقال: إنه يعيده، وعن عطاء: يتخير التشهد أوتركه، وفي رواية أخرجها ابن أبي شيبة عنه أنه قال: "ليس في سَجْدَتَيْ السَّهْوِ تَشَهُّدٌ وَلاَ تَسْلِيمٌ". واختلف فيه عند المالكية.

وأما من سجد بعد السلام، فحكى الترمذي عن أحمد وإسحاق أنه يتشهد، وهو قول بعض المالكية، ونقله أبو حامد الإسفراييني قولاً للشافعية، وفي "مختصر المزني": "سمعت الشافعي يقول: إذا سجد بعد السلام تشهد، أو قبل السلام أجزأه التشهد الأول".

والراجح -والله أعلم– عدم مشروعية التشهد في سجود السهو القبلي والبعدي؛ لعدم ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم بل قد صح خلافه؛ ففي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سجدهما وسلم ولم يُذكر أنه أعاد التشهد.

قال أبو هريرة رضي الله عنه: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي؛ فصلى بنا ركعتين ثم سلم ... قال ذو اليدين -رجل من القوم- يا رسول الله، أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال لم أنس، ولم تقصر، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم. فتقدم صلى الله عليه وسلم فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم كبَّر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، فربما سألوه، ثم سلَّم، فيقول: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم" (رواه البخاري).

وفي "صحيح مسلم" عن عِمْرَانَ بن الْحُصَيْنِ قال: "سَلَّمَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ من الْعَصْرِ ثُمَّ قام فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ فَقَامَ رَجُلٌ بَسِيطُ الْيَدَيْنِ فقال: أَقُصِرَتْ الصَّلَاةُ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَخَرَجَ مُغْضَبًا فَصَلَّى الرَّكْعَةَ التي كان تَرَكَ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ثُمَّ سَلَّمَ".

وقد بوَّب الإمام البخاري في هذا بقوله: "بابٌ: من لم يتشهد في سجدتي السهو، وسلم أنس والحسن ولم يتشهدا، وقال قتادة لا يتشهد". والله أعلم.