جعل المقابر حدائق

نحن نسكن في بيت بجوار المقبرة، وقد اندثرت هذه المقبرة منذ زمن طويل يقارب الثلاثين عاماً، وقد أنشئت في هذه المقابر حدائق وبساتين وأثمرت الأشجار، وأكلنا من ثمارها، فهل يجوز لنا هذا الأكل أم لا؟

الإجابة

المقابر لا يجوز جعلها حدائق ولا بساتين بل يجب احترامها إذا كانت للمسلمين يجب احترامها وأن تسور وتصان ولا تمتهن, هذا الواجب على المسلمين أن يصونوا مقابرهم وألا يمتهنوها بالسير عليها, أو بسير السيارات عليها, أو الجلوس عليها, أو إلقاء القمامات عليها, أو اتخاذها حدائق أو ما أشبه ذلك، لكن لو فعل ذلك من لا يبالي بأمر الله فحرثها وأزال آثارا لقبور واتخذها بساتين فقد أثم وحرم عليه هذا العمل وأساء, لكن ما ينبت فيها من النخيل والأشجار ثمارها حلال لمن أكلها؛ لأن الثمار غير امتهان المقبرة الثمار في الشجر إنما هي من الماء والأرض والهواء وليس له تعلق بالموتى, فالحاصل أن امتهانها واستعمالها حدائق أمر لا يجوز, والواجب حمايتها, وتسويرها, وصيانتها عما يؤذي الموتى, والمسلم محترم حياً وميتاً، ولا يجوز امتهان قبره بالوطء عليه, ولا الجلوس عليه, ولا البول عليه ولا إلقاء القمامات عليه؛ لكن متى فعل ذلك من لا يبالي وأزال آثار القبور واقترف المعصية وجد في هذه المحلات أشجار مثمرة فلا نعلم بأساً في أكل الثمرة, ولكن يجب أن ينصح هؤلاء وأن يبين لهم أنهم أخطأوا فيما عملوا وأساؤوا وأن الواجب بقاؤها مقبرة وإزالة ما فيها من الأذى وصيانتها وتسويرها حتى لا تمتهن, وإزالة ما فيها من الأشجار إذا كانت القبور بحالها لم تنبش. وإذا كانت مسبلة والمسبلة أو مقبرة قديمة فالواجب أن تبقى للمقابر إذا كان فيها بقية يقبروا فيها أو نبشت وأزيلت آثار القبور, فالواجب أن تبقى مقبرة حتى يدفن فيها من جديد؛ لأن الذين سبلوها قديماً وجعلوها مقبرة يريدون نفع المسلمين بها, فليس لأحد أن يزيل ما فيها من القبور وينتفع بها في حاجة نفسه، اللهم إلا أن يرى أولياء الأمور بالنظر الشرعي أن إزالتها أو استعمال أرضها عند ذهاب القبور وذهاب رفات القبور وعدم بقاء شيء من الرفات, فإذا أفتى حكام الشرع وعلماء الشرع بذلك لولاة الأمور تنقل المقبرة إلى محل آخر حينئذ, ينظر في مقبرة أخرى للمسلمين بدل هذه المقبرة إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك للمسلمين؛ لأنها وقعت بين الأحياء السكنية وضاقت على الناس وتعسر الدفن فيها، أو لأسباب أخرى يراها علماء الشرع وحكام الشريعة فذلك إلى حكام الشريعة في الإفتاء بجواز استعمال هذه, ونبش ما فيها من القبور, ونقلها إلى مقابر أخرى بعيدة عن الامتهان, وعن الأذى هذا إلى علماء الشرع، أما أن يمتهنا الناس من دون فتوى شرعية, ومن دون نبش للقبور من بوجه شرعي فذلك لا يجوز وهو منكر.