سرق الذهب لأني لم أكن أخرج زكاته!

السؤال: أنا سيدة سرق اللص مصوغاتي الذهبية، وقالت أخواتي: لأني لم أكن أستخرج الزكاة عن الذهب، وفعلاً لم أفعل؛ لأني كنت أظن أنه لا زكاة على ذهب الزينة، وهن قلن: طالما بلغ النصاب فعليَّ زكاة حتى إذا كان ذهب زينة. سؤالي: هل هناك زكاة على ذهب الزينة؟ إذا كانت الإجابة نعم، فأنا لم أزكِّ من قبل للفهم الخاطئ وليس نكراناً لذلك، فهل أُزكي بأثر رجعي؟ خاصة وأن الذهب الآن سُرق، فما هو النصاب الذي يستوجب زكاة الذهب؟

الإجابة

الإجابة:

فهذه المسألة مما اختلف فيها أهل العلم، فقال جماعة منهم: عبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعائشة وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد والشعبي ومحمد بن علي والقاسم بن محمد وابن سيرين والزهري ومالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وابن المنذر إلى أنه لا زكاة في الحلي المعد للزينة، ومن أدلتهم على ما ذهبوا إليه:
1 - روى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها: "أنها كانت تحلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج منه الزكاة"، قال النووي: وهذا إسناد صحيح.
2 - روى الدارقطني بإسناده عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: "أنها كانت تحلي بناتها الذهب ولا تزكيه نحواً من خمسين ألفاً".
3 - روى البيهقي بإسناده الصحيح عن الشافعي قال: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار قال: سمعت رجلاً يسأل جابر بن عبد الله عن الحلي أفيه زكاة؟ فقال: جابر: لا، فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار؟ فقال جابر: كثير.
4 - قياس الحلي على ما اتخذ للاستعمال الشخصي كالثياب التي يلبسها الإنسان في بدنه وكذلك الأثاث وعوامل الإبل والبقر.

وقال عمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عباس وميمون بن مهران وجابر بن زيد والحسن بن صالح وسفيان الثوري وأبو حنيفة وداود: يجب فيه الزكاة، وحكاه ابن المنذر أيضاً عن سعيد بن المسيب وابن جبير وعطاء ومجاهد وابن سيرين وعبد الله بن شداد والزهري بأن فيها الزكاة، ومن أدلتهم على ما ذهبوا إليه:
1 - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لها: "أتعطين زكاة هذا؟" قالت: لا، قال: "أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟" فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: هما لله ورسوله (رواه أبو داود والترمذي. وقال النووي رحمه الله في المجموع: وهذا إسناد حسن).
2 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتخات من ورق، فقال: "ما هذا يا عائشة؟" فقلت: صغتهن أتزين لك يا رسول الله، قال: "أتؤدين زكاتهن؟" قلت: لا أو ما شاء الله، قال: "هو حسبك من النار".
3 - عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحاً من ذهب فقلت: يا رسول الله أكنز هو؟ فقال: "ما بلغ أن يؤدى زكاته فزُكي فليس بكنز" (رواه أبو داود بإسناد حسن).

والذي يظهر رجحانه -والعلم عند الله تعالى- هو القول بعدم وجوب الزكاة في الحلي المتخذ للزينة؛ استدلالاً بالنصوص والقياس وهو قول أكثر أهل العلم، وعليه فلا حرج عليك في عدم إخراج الزكاة عما مضى من الأعوام؛ وما حدث من سرقة إنما هو بقضاء الله وقدره، وقد يسرق المال الذي أخرجت زكاته، وعليك أن تكثري من الدعاء ليعوضك الله خيراً مما ذهب، والله الموفق والمستعان.