شخص أراه كل شهر في منامي من عشرة سنين

السؤال: أنا شخص كان لي صديق جاري عشت معه أيام طفولتي إلى الثانوية ثم بعد الثانوية افترقنا لأنه اختار صحبة سيئين وترك الصلاة وبدأ يدخن، وتركني وفضل أصحابه الجدد علي ومن ذلك الوقت إلى هذه الساعة لايفارقني في منامي، كل شهر تقريبا مرة يسلم عليّ، ومرة يعاتبني ومرة يطالبني بدين ومرة أراه حزيناً حتى أني صارحته بكل هذا فأنكر أن يكون له شيء عليّ، ولكنه صرح بأنه اختار صحبته الجدد علي وأنا متخرج من الشريعة الآن وأستاذ أدرس في الثانوية أي عمري 28 سنة، سؤالي لماذا دائما يلاحقني في منامي إلى الآن؟

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهنيئًا لك أخي الكريم هذا الاختصاص والحفظ من رب العالمين, وهذه نعمة عظيمة حقيق بك أن تستشعرها وأن ترعى حقها وأحسب أن الله تعالى تفضل عليك لأنك قدمت محبة الله على محبة من سواه, وقدمت ما يرضيه على صحبة صاحبك, والنبي صلى الله عليه وسلم علّق حلاوة الإيمان على ذلك فقال: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان", ثم بين أولها وأهمها فقال: "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" (متفق عليه).

ولاشك -يرعاك الله- أن من وجد ذلك هان عنده كل خطب, ولأجل ذلك ترك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أهلهم وأبناءهم وأوطانهم وكل ما يحبون فنالوا بذلك سعادة الدنيا والآخرة.

وإن من الاختصاص أن سلمك ربك من صحبة السوء التي تضر صاحبها ولا تنفعه ولقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً رائعًا لصاحب السوء وصاحب الخير, فقال: "مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير, فحامل المسك إما أن يحذيك, وإما أن تبتاع منه, وإما أن تجد منه ريحا طيبة, ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك, وإما أن تجد منه ريحا خبيثة" (متفق عليه).

وإذا سلك المسلم سبيل الخير وترك صحبة السوء وجانب طرق الغواية أجلب عليه الشيطان بخيله ورجله حتى يصده عما هو متوجه إليه من الخير, وهذا ما حصل لك -أخي السائل- فما تراه من أحلام عن صاحبك هي من دسائس الشيطان وقد يضاف لذلك حديث النفس, ولذا فنصيحتي لك حتى ينقطع عنك هذا الأمر أن تفعل ما يلي:

أولاً: أن تتمسك بما أنت عليه من الخير وتستعين بربك وتتوكل عليه.

ثانيًا: اقطع صاحبك عن تفكيرك ولا تشغل عقلك به وأعرض عن تذكر حياتك السابقة معه.

ثالثًا: لا تتحسر عليه, ولا على إعراضه عن طريق الهداية, فالله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:3], أي لعلك من شدة حرصك على هدايتهم مهلك نفسك فلا تفعل ذلك.

وقال له: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 272], فالهداية من الله والتوفيق بيده, وإنما عليك أن تدعو له, وأن تقوم بتوجيه من ينصحه ممن هو متمكن من ذلك, ولا يخشى عليه من الانجراف في صحبة السوء.

رابعًا: أكثر من الدعاء أن يصرف الله عنك ذكر صاحبك, واشتغل بما ينفعك, كالعلم والدعوة وأكثر من الذكر في جميع أوقاتك.

خامسًا: إن رأيت أن محبته مازالت مستولية على قلبك فحاول أن تشغل نفسك بتذكر مواطن السوء فيه وفي أخلاقه وتعامله, وتفخيم ذلك في نفسك حتى يكون صارفًا بإذن الله وتوفيقه لما كنت تجده سابقًا في قلبك.

سادسًا: استغن عن صاحبك بالصحبة الصالحة التي تنفعك في الدنيا والآخرة.

سابعًا: إذا أويت إلى فراشك فكن على طهارة واحرص على أذكار النوم وأعرض عن التفكير إلا فيما ينفع فإن رأيت شيئًا في منامك فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شر ما رأيت وانفث عن يسارك ثلاثًا وتحول عن جنبك الذي كنت عليه.

أسأل الله أن يعيننا وإياك على الخير ويوفقنا وإياك لما يحب ويرضى والله تعالى أعلم, وصلى الله وسلم على نبينا محمد.



موقع الألوكة