نصحت شخصاً بأن الأغاني حرام، ولكنه لم يقتنع!

السؤال: نصحت شخصاً بأن الأغاني حرام، لكنه قال بأن هذا ليس له دليل صريح صحيح! وأن العلماء السعوديون هم الذين أفتوا بتحريمها وأنهم متشددون في كثير من المسائل! وأن مصر الدولة الأقرب لهم من السعودية هناك علماء أفتوا بإباحتها، وقال بأن الموسيقى ليست سبباً يحرمها، وأن الكثير من الناس غير مقتنعين بذلك! وأورد أيضاً أنه لو أراد شخصٌ أن يدعو كافراً للإسلام، فماذا سيحدث لو علم أن الموسيقى حرام!! أرجو منكم الرد عليه، وذكر الدليل الذي قال فيه علي رضي الله عنه: "لو كان الدين بالعقل، لكان باطن الخف أولى من ظاهره"، أو كما قال كرم الله وجهه.

الإجابة

الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اتفق العلماء على تحريم الغناء والمعازف جميعها إلا الدُّف، وممن حكى الإجماع على ذلك القرطبي، وأبو الطيب الطبري، وابن الصلاح، وابن القيم، وابن رجب الحنبلي، وابن حجر الهيتمي.

واستدلوا بأدلة كثيرة منها: قوله تعالى: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم} نقل الإمام الطبري في تفسيره عن عبد الله بن مسعود: الغناء والذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات، وروى عن ابن عباس قال: هو الغناء ونحوه، ونقله عن جابر بن عبد الله ومجاهد وعن خلق كثير.

ومنها: حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون، والحر، والحرير، الخمر والمعازف" (أخرجه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم، فهو صحيح، ووصله أبو داود وابن حبان وغيرهما).

ولفظ (المعازف) عام يشمل جميع آلات اللهو، وقوله صلى الله عليه وسلم: "يستحلون" أي يجعلونها حلالاً بعد أن كانت حرامًا، وهذا من أقوى الأدلة على تحريم المعازف.

ومنها ما رواه الحاكم والبيهقي والترمذي مختصراً، وحَسَّنَهُ، عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إني لم أُنه عن البكاء، ولكن نُهِيتُ عن صوتين أحمقين فاجِرَينِ؛ صوت عند نعمةٍ لَهْو ولعب ومزامير شيطان، وصوت عند مُصِيبِةٍ لَطْم وجوه وشق جيوب ورنة شيطان" (والحديث حسنه الألباني رحمه الله).

وهذا الحديث -كما ترى- خرجه جماعة من الأئمة، وله طرق، ومع هذا يقول ابن حزم: "لا ندري له طرقًا"!! ولهذا قال الحافظ ابن عبد الهادي رحمه الله عن ابن حزم: "وهو كثير الوهم في الكلام على تصحيح الحديث وتضعيفه، وعلى أحوال الرواة".

ومنها ما رواه البَزَّارُ في "مسنده"، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة"، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة"، قال المنذري في (الترغيب والترهيب): "رواته ثقات"، والحديث صححه الألباني في "تحريم آلات الطرب".

ومنها ما رواه أبو داود وأحمد وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله حرم عليَّ أو حرم الخمر والميسر وَالْكُوبَةَ، وكل مسكر حرام"، وفي رواية: "إن الله حرم عليكم"، قال سفيان -أحد رواة الحديث-: "قلت لعلي بن بذيمة: ما الكوبة؟ قال: الطبل"، والحديث صححه أبو الأشبال أحمد شاكر في تعليقه على (المسند)، والألباني في (السلسلة الصحيحة)، وشعيب الأرناؤوط في (تحقيق المسند).

ومنها: أنه قد روى ابن ماجه وابن حبان عن أبي مالك الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، وتضرب على رؤوسهم المعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير"، والحديث صححه الألباني في (غاية المرام)، وغيره.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، في (منهاج السنة النبوية) رداً على ابن مطهر الشيعي في نسبته إلى أهل السنة إباحة الملاهي، قال: "هذا من الكذب على الأئمة الأربعة، فإنهم مُتَّفِقُون على تحريم المعازف التي هي آلات اللهو، كالعود ونحوه، ولو أَتْلَفَهَا مُتْلِفٌ عندهم لم يَضْمَن صورة التالف، بل يحرم عندهم اتخاذها".أ.ه.

وقال ابن الصلاح في (الفتاوى): "وأما إباحة هذا السماع وتحليله، فليُعْلَم أنَّ الدُّف والشبابة والغِنَاء إذا اجتمعت، فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عن أحد ممن يُعْتَدُّ بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع. إلى أن قال: فإذا هذا السماع غير مُبَاحٍ بإجماع أهل الحل والعقد من المسلمين".أ.ه.

وليُعلم أن تكسر النساء وتخنس الرجال في الغناء مجمع على تحريمه أيضاً.



من فتاوى زوار موقع طريق الإسلام.