حكم الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية، وجميع المناسبات الدينية

ما حكم الاحتفال بذكرى الهجرة النبوية الشريفة وجميع المناسبات الإسلامية العظيمة؛ كالإسراء والمعراج وليلة القدر وليلة النصف من شعبان؟ أثابكم الله وحفظكم للإسلام والمسلمين.

الإجابة

القاعدة الشرعية: أن العبادات توقيفية، ليس لأحد أن يحدث عبادة لم يأذن بها الشرع، والله -جل وعلا- يقول سبحانه: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ[الشورى: 21]، ويقول -سبحانه وتعالى-: ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا[الجاثية: 18]، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا -يعني الإسلام- ما ليس منه فهو رد) يعني فهو مردود، متفق على صحته، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) يعني مردود خرجه الإمام مسلم في الصحيح، وعلقه البخاري رحمه الله في الصحيح جازماً. فالاحتفالات يتعبد بها، فلا يجوز منها إلا ما دل عليه الدليل، فالاحتفال بليلة القدر بليالي العشر من رمضان أمرٌ مشروع شرعه الله لنا أن نعظم هذه الليالي، وأن نقيم ليلها بالعبادة والذكر والطاعة والقراءة، ونصوم نهارها لأنه من رمضان، فهذه الليالي العشر يلتمس فيها ليلة القدر، والمشروع للمسلمين أن يعظموها بالصلاة والعبادة في المساجد، وفي البيوت للنساء أيضاً، كل هذا أمرٌ مشروع. أما الاحتفال بالمولد النبوي، أو بأي مولد كان، كمولد البدوي، أو مولد الحسين، أو مولد علي -رضي الله عنهما- إلى غير ذلك، فهذه الاحتفالات من البدع التي أحدثها الناس، وليست مشروعة، وإن فعلها كثير من الناس في كثير من الأمصار، فإنها لا تكون سنة بفعل الناس، وليس في الإسلام بدعة حسنة، بل كل البدع منكرة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كل بدعة ضلالة)، وكان يخطب يوم الجمعة -عليه الصلاة والسلام- ويقول: (أما بعد.. فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) خرجه الإمام مسلم في الصحيح، وزاد النسائي رحمه الله بإسناد صحيح (وكل ضلالة في النار)، فالبدع كلها ضلالة، وإن سمى بعض الناس بعض البدع بدعة حسنة فهو قول اجتهادي لا دليل عليه، ولا يجوز أن يعارض قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- بقول أحدٍ من الناس، والرسول -صلى الله عليه وسلم- حكم على البدع بأنها ضلالة، فليس لنا أن نستثني شيئاً من هذا الأمر إلا بدليل شرعي؛ لأن هذه الجملة عامة محكمة، وكل بدعة ضلالة، وهكذا الاحتفال بليلة الإٍسراء والمعراج، وبليلة النصف من شعبان، والاحتفال بالهجرة النبوية، أو فتح مكة أو بيوم بدر، كل ذلك من البدع؛ لأن هذه الأمور موجودة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يحتفل بها، ولو كانت قربة إلى الله لاحتفل بها -عليه الصلاة والسلام-، أو أمر بها الصحابة، أو فعلها الصحابة بعده، فلما لم يكن شيء من هذا علمنا أنها بدعة، وأنها غير مشروعة هذه الاحتفالات، ولا يبرر فعلها أنه فعلها فلان وفلان، أو فعلها أهل البلاد الفلاني، كل ذلك لا يبرر، إنما الحجة ما قال الله ورسوله، أو أجمع عليه سلف الأمة، أو فعله الخلفاء الراشدون -رضي الله عنهم-، وقد ثبت أن هذا الاحتفال إنما حدث في المائة الرابعة في القرن الرابع، أعني الاحتفال بالمولد النبوي، فعله الفاطميون حين ملكوا المغرب ومصر وبعض البلاد الإسلامية، وهم شيعة، ثم تبعهم بعض الناس بعد ذلك، فلا يليق بأهل الإسلام أن يتأسوا بأهل البدع في بدعهم، بل يجب على أهل الإسلام وأصحاب السنة أن يحاربوا البدع، وأن ينكروها، وأن لا يوافقوا على فعلها، اقتداءً بالمصطفى -عليه الصلاة والسلام-، وبخلفائه الراشدين، وبصحابته المرضيين -رضي الله عنهم-، ثم بالسلف بعدهم في القرون المفضلة، هذا الذي نعتقده وندين به شرعاً، وننصح إخواننا المسلمين به ونوصيهم به أينما كانوا، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين التوفيق لما يرضيه، والسلامة من أسباب غضبه، والثبات على السنة، والحذر من البدعة، إنه سميع قريب.