بدع الطريقة التيجانية

عندنا أناس كثير متمسكون بطريقة التيجانية، وأنا سمعت في برنامجكم أن الطريقة التيجانية مبتدعة لا يجوز إتباعها، لكن أهلي عندهم ورد الشيخ أحمد التيجاني، وهي صلاة الفاتح، ويقولون: إن صلاة الفاتح هي الصلاة على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وأسأل الآن: هل صلاة الفاتح هي الصلاة على النبي أم لا؟ أرجو توضيح ذلك، حيث يقولون: إن من كان يقرأ صلاة الفاتح وتركها يعتبر كافراً، ويقولون: إذا ما كنت تحمل هذا وتركتها ما عليك شيء، وإذا تحملتها وتركتها تعتبر كافراً، وقد قلت لوالديَّ: أن هذا لا يجوز ، فقالوا: أنت وهابي وشتموني، ويستمروا على هذا المنوال سماحة الشيخ، ويرجوا منكم التوجيه والإرشاد؟

الإجابة

الطريقة التيجانية لا شك أنها طريقة مبتدعة، ولا ينبغي لأهل الإيمان أن يتبعوا الطرق المبتدعة لا التيجانية ولا غيرها، بل الواجب إتباع ما جاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله يقول: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [(31) سورة آل عمران]. يعني قل يا محمد للناس: (إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ. ويقول - سبحانه وتعالى - : اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ [(3) سورة الأعراف]. ويقول - سبحانه وتعالى - : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا [(7) سورة الحشر]. ويقول - عز وجل - : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ [(153) سورة الأنعام]. والسبل هي الطرق المحدثة من البدع والأهواء والشبهات والشهوات المحرمة. فالله أوجب علينا أن نتبع صراطه المستقيم، وهو ما دل عليه كتابه العظيم القرآن، وما دل عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام الصحيحة الثابتة، هذا هو الطريق الذي يجب إتباعه أما طريق التيجاني أو الشاذلي أو فلان أو فلان أو فلان، فهذا لا يجب إتباعه، ولا يجوز اتباعه إلا ما وافق شرع الله منه. ما وافق شرع الله من هذه الطرق قُبل أنه موافق لشرع الله لا لأنه من طريق التيجاني أو الشيخ عبد القادر أو الشاذلي أو فلان أو فلان، لا، نأخذه ما فيه طريقة من خير نأخذه لأنه وافق الشرع المطهر وما في هذه الطرق من أشياء تخالف شرع الله يجب تركه. وصلاة الفاتح هي الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن الصيغة لم ترد عن الشارع حيث قالوا فيها: اللهم صلي وسلم على سيدنا ونبينا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق، والناصر الحق بالحق. هذا لفظ اخترعوه من أنفسهم ليس له أصل. ومعناه صحيح، ولكن الشيء الذي أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعمله الأمة يكون أفضل. والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما سألوه كيف يصلون عليه قال: (قولوا: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد). وفي صيغة أخرى قال لهم - صلى الله عليه وسلم -: (قولوا: اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد). وفي لفظ ثالث قال: (قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آله محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد) فهذه الألفاظ التي جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وما جاء في معناها هي الصلاة التي ينبغي الأخذ بها واستعمالها. أما صلاة الفاتح وإن صح معناها في الظاهر لكن العدول عما بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأرشد إليه الأمة فيه نظر، وفيه نوع من الإعراض عما أرشد إليه النبي -عليه الصلاة والسلام- فكأنَّ التيجاني أعلم بما شرع الله وأولى بما ذكر هو مما بينه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأعلمه الأمة وأرشدهم إليه، ولا ينبغي لعاقل أن يقول هذا الكلام ولا ينبغي لمسلم أن يقول هذا الكلام، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - أعلم بما ينفع أمته، وأعلم بما هو أقرب إلى رضا الله، وأعلم بالشرائع لأنه المعلم المبلغ الذي يأتيه الوحي من السماء -عليه الصلاة والسلام-، فهو أعلم بما شرع الله وهو أعلم بما يرضي الله وهو أعلم بالألفاظ المناسبة من غيره -عليه الصلاة والسلام-. ثم في قوله: الفاتح لما أغلق فيه شيء من الإجمال قد يقال أنهم أرادوا بذلك بالنبوة لما انقطعت برفع عيسى -عليه الصلاة والسلام- انفتحت به -عليه الصلاة والسلام- قد يكون حقاً. وقد يكون أرادوا شيئاً ما بينوه ولا أوضحوه فإن الفاتح لما أغلق فيه إبهام فإن كانوا أرادوا بذلك أنه فتح النبوة، أي أن الله فتح به النبوة بعدما أغلقت برفع عيسى -عليه الصلاة والسلام-، وأنه ليس بعد عيسى نبي إلا محمد - صلى الله عليه وسلم - هذا معنىً صحيح هو النبي بعد عيسى مثل ما قال - صلى الله عليه وسلم - :(ليس بيني وبينه نبي). يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أنا أولى الناس بمريم لأنه ليس بين وبينه نبي) -عليه الصلاة والسلام- فهذا معنىً صحيح، وإن كانوا أرداوا بقولهم الفاتح لما أغلق معنىً آخر فلم يبين حتى ينظر فيه. أما الخاتم لما سبق فهذا صحيح هو خاتم النبوة، خاتم الأنبياء كما قال الله –جل وعلا-:مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [(40) سورة الأحزاب]. وهو أيضاً نصر الحق بالحق –عليه الصلاة والسلام-، وهدى إلى الصراط المستقيم، كل هذا حق. إنما الإجمال في قولهم: الفاتح لما أغلق. هذه فيها بعض الإجمال. وبكل حال لو كانت في غاية من السلامة، وليست فيها شيء من الإجمال، فاستعمال ما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم- وأرشد إليه، ودل عليه الأمة أولى وأولى. فلا ينبغي للأمة أن يعدلوا عن شيء قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأرشد إليه، وهو المعصوم فيما يبلغه عن الله - عز وجل -، وهو أنصح الأمة، وأنصح الناس، وأعلم الناس بشرع الله ما ينبغي لعاقل من المسلمين أن يعدل عما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى شيء قاله غيره، سواء كان القائل أحمد التيجاني، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو فلان، أو فلان، أو حتى من الصحابة، ولو كان من الصحابة، ولو كان أبو بكر الصديق، وهو أفضل الخلق بعد الأنبياء- رضي الله عنه-، فلو قال الصديق كلمة وقال النبي- كلمة وأرشد إليها لكان قول النبي - صلى الله عليه وسلم – مقدماً على أبي بكر وعلى عمر وعلى عثمان، فكيف لا يقدم على من كان في القرن الثاني عشر وهو أحمد التيجاني؟!!!!. رزق الله الجميع التوفيق والهداية. سماحة الشيخ في ختام....