قول: لا إله إلا الله ودخول الجنة

يسأل السائل عن قول: (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، ويقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((من قالها دخل الجنة)). أريد أن أعرف هل من قالها في عُمره مرة يكفي، أو عدة مرات، أو عند الممات، أو في أي وقت؟ وهل تنفع صاحبها مع ارتكابه للمعاصي؟ أفيدونا أفادكم الله.

الإجابة

إذا قال العبد: لا إله إلا الله، وشهد أن محمداً رسول الله عن صدق وعن إيمان، فعبد الله وحده، وأفرده بالعبادة، لا يدعو معه أمواتاً، ولا أحجاراً، ولا أصناماً، ولا كواكب ولا غير ذلك، بل يعبده وحده سبحانه وتعالى، ويصدق رسوله، ويشهد أنه رسول الحق إلى الثقلين، ثم مات على ذلك غير مصر على سيئة، بل أسلم وأدى هذه الشهادة ومات - فإنه من أهل الجنة.

أما إن كان عنده معاصٍ، بأن كان أتى شيئاً من المعاصي فهو تحت مشيئة الله، كالزنا أو شرب الخمر، أو عقوق الوالدين، أو قطيعة رحم، فهذا تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له، وإن شاء أدخله النار حتى يعذب على قدر معاصيه، ثم يخرج من النار إلى الجنة؛ لقول الله جل وعلا: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء[1].

وعليه أيضاً مع هاتين الشهادتين أن يؤدي الفرائض، فعليه أن يؤدي الصلوات الخمس، وعليه أن يؤدي الزكاة وعليه أن يصوم رمضان، وعليه أن يحج البيت، وعليه أن يؤدي كل ما فرضه الله عليه، فلا بد من هذا، ولا بد من تجنبه ما حرم الله عليه، فإن أتى بناقض من نواقض الإسلام كفر، ولو أتى بالشهادتين، فإن المنافقين يقولون الشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، لكنهم في الباطن يكذبون، يكذبون الرسول، ويكذبون الله فيما قال، فصاروا كفاراً في الدرك الأسفل من النار.

وهكذا لو قال هذه الشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ثم سب الدين، أو سب الله كفر، وخرج عن الإسلام - والعياذ بالله -.

وكذلك لو ترك الصلاة عمداً وإن لم يجحد وجوبها كفر عند كثير من أهل العلم، وهو الصحيح؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر)).

وقال عليه الصلاة والسلام: ((بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة))، أما من جحد وجوبها فإنه يكفر بالإجماع وإن صلى؛ لأنه مكذب لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

أما لو ترك الصيام أو ترك الزكاة وهو يعلم أنها واجبة، ويعلم أن الصيام واجب ولكن تساهل، فهذا قد أتى ذنباً عظيماً ومنكراً كبيراً، وقد توعده الله بالعذاب يوم القيامة إلا أن يعفو الله عنه، فهو تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى.

وهكذا لو أتى بعض المعاصي التي تقدم ذكرها؛ كالخمر، أو العقوق، أو قطيعة الرحم، أو الربا، فهذه معاصي إذا كان لا يستحل ما حرم الله، وهو يعلم أنها معاصٍ ولكن أتاها طاعة لهواه وشيطانه، ولجلساء السوء، فهذا يكون قد أتى ذنباً عظيماً، ويكون إيمانه بهذا ناقصاً وضعيفاً، ويكون تحت مشيئة الله عند أهل السنة، لا يكفر بذلك خلافاً للخوارج، بل يكون تحت مشيئة الله، ويكون ضعيف الإيمان، فإن شاء الله غفر له سبحانه وتعالى، وإن شاء عذبه في النار على قدر الجرائم التي مات عليها، وبعد التطهير والتمحيص في النار يخرجه الله منها إلى الجنة، ولا يخلد في النار الخلود الأبدي إلا الكفار.

أما الخلود المؤقت فهذا قد يقع لبعض أهل المعاصي كما توعد الله بهذا القاتل والزاني وقاتل نفسه، فهو خلود مؤقت له نهاية، أما خلود الكفار فهو خلود دائم ليس له نهاية، كما في قوله سبحانه وتعالى: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ[2]، ويقول سبحانه: يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ[3]، نسأل الله العافية.

[1] النساء: 48.

[2] البقرة: 167.

[3] المائدة: 37.