المغالاة في المهور

له سؤال طويل غلاء المهور، وهل يعتبر المهر الغالي بمثابة بيع البنت -كما يقول- ويرجو التوجيه،

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالشرع المطهر لم يحدد في المهر شيئاً معلوماً، بل أطلق للناس ما يتفقون عليه من المهور قليلة أو كثيرة، لكن الشارع رغب في التقليل والتيسير ترغيباً في النكاح وعفة الرجال والنساء، ومن ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: (خير الصداق أيسره)، وكان زوج بناته على خمسمائة، وتزوج على خمسمائة، ويروى أنه زوج بناته على أربعمائة، فالمقصود أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يحث على تخفيف المهور وتيسيرها، ولم يغالي فيها لا مع أزواجه ولا مع بناته -عليه الصلاة والسلام-، فالمشروع للمؤمن أن يخفف، وأن لا يتكلف في ذلك، ولكن الأوقات تختلف في الغلاء والرخص وتيسر الحاجات وعدم تيسرها، فيشرع لأهل الزواج أن يتفقوا على شيء مناسب ليس فيه إجحاف على بالزوج ولا مضرة على الزوج، ولا تعطيل للنساء والشباب، وكلما كان ذلك أيسر وأقل كان أفضل، حتى يتيسر للجميع حصول النكاح، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، فالمؤمن يحرص على أن يقدم بنته وأخته وموليته بكل وسيلة شرعية حتى لا تتعطل، وحتى لا تتعرض للأخطار، والرجل كذلك يحرص على أن يتزوج، ويحرص على أبوه وأخوه وأقاربه على تزويجه والتعاون معه في ذلك، حتى لا يتعرض لأخطار العزوبة، ولاسيما في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن، وكثر فيه المتبرجات من النساء، وضعف فيه الوازع الديني، فينبغي للجميع الرجال والنساء الحرص على أسباب الزواج، وعلى تسهيله لا من جهة المهر، ولا من جهة الوليمة، كل ذلك يستحب فيه التخفيف والتيسير تسهيلاً في تزويج البنين والبنات، وحرصاً على عفة الجميع كما أوصى الله بذلك وشرعه، حيث قال -سبحانه-: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ[النور: 32]، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فوصيتي للجميع البدار بتزويج الشباب والشابات، والحرص على التيسير والتخفيف لا من جهة المهر ولا من جهة الوليمة، كما أني أوصي أقارب الرجل أن يساعدوه إذا دعت الحاجة إلى مساعدته، وأولياء المرأة أن ينصحوها ويوجهوها إلى الرضا بما يسر الله من المهر، وأن لا تمتنع من الزواج من أجل المغالاة في المهر وكلٌ من الجميع في حاجة إلى النصيحة، كل الرجال والنساء في حاجة إلى النصيحة، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) كما أني أنصح أمهات البنات أن لا يتكلفن في ذلك، وهكذا خالاتهن وهكذا أخواتهن الكبيرات ينبغي أن يساعدن في التخفيف والتيسير، وهكذا أبو الرجل وأجداده وإخواته وأعمامه، أوصيهم جميعاً بالمساعدة والتعاون مع الزوج في تسهيل نكاحه بالمال وغيره، عملاً بقول الله -سبحانه-: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى[المائدة: 2]، وعملاً بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، والشباب اليوم والفتيات اليوم في أشد الحاجة إلى الزواج والمبادرة إليه، وهو لا يمنع الاستمرار في الدراسة لا من الرجل ولا من المرأة يتزوج وإن كان يدرس وهي كذلك، ولا ينبغي أن يحتج بالدراسة لا الرجل ولا البنت ينبغي البدار بالزواج، وإن استمر كل منهم في الدراسة، وإن تراضيا على تعطيل الدراسة فلا بأس بعد ذلك بحاجة البيت ونحو ذلك، المقصود أن هذا لا ينبغي أن يكون عذر، الدراسة لا ينبغي أن تكون عذر في تأخير النكاح، ولا الوظيفة كذلك، وظيفة المرأة كونها مدرسة أو موظفة في عملٍ آخر، ينبغي أن لا تتأخر عن الزواج، وأن تتقي الله في ذلك وأن تبادر، وأن تجتهد في حفظ نفسها من أسباب الشر وحفظ سمعتها، وهكذا الشباب يحرص غاية الحرص على حفظ سمعته وإحصان فرجه وغض بصره، رزق الله الجميع التوفيق والهداية. جزاكم الله خيراً.