تائه مكتئب لا يذوق طعم لذة العبادة

السؤال: أنا شاب مسلم موحد بالله اسمًا ولكن فعلًا لا أعتقد، فأنا منذ فترة وأنا أحس أني ضائع وحائر في أمور الدنيا والآخرة، وأريد العودة إلى الله ولكني أحس أن المسافة طويلة جدًا، حتى وأنا أصلي أحس كأني أقضي حركات فقط ولا يوجد أي خشوع ولا أي شيء أشعر به تجاه ربي سوى أفعال أفعلها فقط، ولكن سأُجن لأني أحس أني سوف أنال عقابٌ ما بعده عقاب من ربي، كما أني أشعر بأني تعيس جدًا، حتى العيد الذي من السنة الفرح فيه لا يوجد به شيء يجعلني أضحك أو أفرح، فأرجو منكم أن تساعدوني على الرجوع إلى ربي قبل أن أُصاب بالجنون أو أفقد صوابي في هذه الحياة. إمضاء: ضائع..

الإجابة

الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:-
هذا الذي أنت فيه كله بسبب الذنوب، وذلك كما قال ابن عباس "إن للحسنة نورًا في الوجه، وانشراحًا في الصدر، واطمئنانًا في القلب، وبركة في الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة ظلمة في الوجه، وضيقًا في الصدر، واضطرابًا في القلب، ومحقًا للرزق، وضعفًا في البدن" أو كما قال، وإنما يجعل الله هذه الآثار ظاهرة للعبد المسلم، ليتبين له حاله، ويرجع إلى ربه، أما الكافر ومن لا خير فيه فالله تعالى يملي له بالنعم، ويمتعه في الدنيا، حتى يزداد عذابه في الآخرة.

ولهذا أنصحك أن تبدأ مع ربك صفحة جديدة تعزم فيها عزمًا أكيدًا على تصفية قلبك من الذنوب، بالتوبة من كل الذنوب كبيرها وصغيرها، وملازمة الاستغفار، وصدقة السر والمحافظة على الصلوات لا سيما في المسجد، والإكثار من قراءة القرآن، وصحبة الصالحين، والاشتغال بذكر الله، ثم أهم شيء الصبر، فحلاوة الإيمان وانشراح الصدر بالعمل الصالح، تأتي بالتدريج، فإن صبر العبد على طاعة الله مجاهدًا نفسه رغم كونه لا يشعر بحلاوة ذلك، يؤتيه الله تعالى جزاء صبره بعد مدة ما كان يطلب، فيشرح صدره، ويملأ قلبه إيمانًا، ويذيقه حلاوة الطاعات، حتى يطرب القلب طربًا عند العمل الصالح، حتى يكاد يطير فرحًا، ولكن هذه الثمار العظيمة -وهي أعظم النعم- لا تنال إلا بالصبر فاصبر بارك الله فيك، واستمر في طرق الباب، فلا بد أن يأتيك يومًا الجواب، والله أعلم.