الصلاة مع الصوفية أصحاب الموالد

في حيّنا مسجد بناه جماعة من الصوفية، بعد أن أردنا نحن –يا أهل السنة- بناءه، ولكنهم أصروا على بنائه وفعلوا، وهو الآن تحت إدارتهم وتصرفهم، ويقومون فيه بأشعار ومدائح، فهل يجوز لنا نحن السُنيين أن نصلي فيه معهم وخلف إمامهم المبتدع أم ماذا نفعل ؟

الإجابة

إذا كان إمامهم ليس بكافر وإنما عنده بعض البدع التي لا تخرجه من الإسلام، فلا مانع من الصلاة معهم ونصيحتهم وتوجيههم وإرشادهم بالدعوة إلى الله بعد الصلوات، وفي حلقات العلم في المسجد حتى يستفيدوا وينتفعوا ويدعوا ما عندهم من البدع إن شاء الله، لأن هذا من باب التعاون على البر والتقوى ومن باب التناصح، أما إن كان إمامهم يتعاطى ما يوجب كفره، كالذي يستغيث بالرسول - صلى الله عليه وسلم- أو يدعوه من دون الله، أو يستغيث بالأموات وينذر لهم ويذبح لهم، هذا كفر وضلال، هذه أمور كفرية لا يصلى خلفه، لأن هذه الأمور من الأمور الكفر بالله والشرك بالله - عز وجل، وهكذا إذا كان إمامهم يعتقد اعتقادات كفرية، كأن يعتقد أن غير الله يتصرف في الكون من الأولياء، وأنهم يدبرون هذا العالم، من الأولياء كما يفعله بعض الصوفية، أو يعتقدون ما يعتقده أصحاب وحدة الوجود بأن الخالق والمخلوق واحد، الخالق والمخلوق والعبد والمعبود ونحو ذلك من المقالات الخبيثة الملحدة فهذا كافر ولا يصلى خلفه، أما إذا كانت بدع دون الكفر فإن هذا يصلى خلفه، مثل بدعة المولد وليس فيها كفر، مثل بعض البدع الأخرى التي يفعلها الصوفية وليست بكفر، بل دون الكفر فلا تمنع من الصلاة خلفه، وأما الأشعار التي يأتي بها ينظر فيها فإن كانت أشعاراً كفرية مثل أشعار صاحب البردة في قوله: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ بسواك عند حلول الحادث العمم إن لم تكن بمعادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم هذه أشعار كفرية، هذا اعتقادٌ ضال، فإذا كان أصحاب المسجد يعتقدوا مثل هذه الأمور فلا يصلى خلف إمامهم، لأن الاعتقاد بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- يعلم الغيب، أو أنه يملك الدنيا والآخرة هذا كفرٌ ولا ضلال والعياذ بالله، لأن علم الغيب لا يعلمه إلا الله - سبحانه وتعالى -، وهكذا اعتقاد بعض الصوفية وبعض الوثنية أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- ينقذ الناس يوم القيامة، وينقذ من دعاه يوم القيامة ويخرجه من النار، هذا كله كفرٌ وضلال، إنما الأمور بيد الله - سبحانه وتعالى -، هو الذي ينجي من النار، وهو الذي يعلم الغيب، وهو مالك لكل شيء، والمدبر للأمور- سبحانه وتعالى -، والرسول - صلى الله عليه وسلم- ليس بيده إخراج الناس من النار، بل يشفع ويحد الله له حداً يوم القيامة في الشفاعة عليه الصلاة والسلام، ولا يشفع إلا لأهل التوحيد والإيمان، كما قد سأله أبو هريرة- رضي الله عنه – قال يا رسول الله: من أحق الناس بشفاعتك؟ قال:(من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه، أو قال: خالصاً من نفسه)، وقال عليه الصلاة والسلام: (إني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلةٌ إن شاء الله، من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً)، فشفاعته لأهل التوحيد والإيمان لا لأهل الكفر بالله - عز وجل -. فالحاصل أن الإمام إذا كان عنده شيءٌ من الكفر هذا لا يصلى خلفه، أما إذا كانت بدعته دون الكفر فلا مانع من الصلاة خلفه، ولكن إذا وجد مسجدٌ آخر فيه أهل السنة فالصلاة خلفهم أولى وأحسن وأبعد عن الشر، ولكن مع ذلك ينبغي لأهل السنة أن يتصلوا بأهل البدع للنصيحة والتوجيه والتعليم والتفقيه والتعاون على البر والتقوى، لأن بعض أهل البدع قد يكونوا جاهلاً ما عنده بصيرة، فلو علم الحق لأخذ به وترك بدعته. فينبغي لأهل السنة أن لا يدعوا أهل البدع، بل عليهم أن يتصلوا بهم وينصحوهم ويوجهوهم ويعلموهم السنة ويحذروهم من البدعة، لأن هذا هو الواجب على أهل العلم والإيمان، كما قال الله - سبحانه وتعالى -: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (125) سورة النحل، وقال - سبحانه وتعالى -: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) سورة فصلت. نسأل الله للجميع التوفيق الهداية.