مدى مشروعية دعاء: اللهم لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه

السؤال: هل يجوز هذا الدعاء: "اللهم لا أسألك ردَّ القضاء، ولكن أسألك اللطف فيه"؟

الإجابة

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن الدعاء من أعظم العبادات وأهم القُرُبات؛ لما فيه من افتِقَار العبد إلى ربه، والتِجَائِهِ وتضرُّعِهِ إليه وارتباطه به.

وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالاجتهاد في الدعاء والإلحاح فيه والجزم في الدعاء ففي" الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت. ولكن؛ لِيَعْزِمِ المسْأَلَةَ وَلْيُعَظِّمِ الرَّغبة، فإن الله لا يَتَعَاظَمُهُ شيء أعطاه".

والدعاء لا يخرج عن قدر الله، بل هو من قدر الله تعالى، فإذا أصاب العبد ما يكرهه أو خشي ما يصيبه فمن السنة أن يدعو الله تعالى أن يرفع عنه البلاء ويصرف عنه شر ما يخشاه.

قال صلى الله عليه وسلم: "لا يرد القدر إلا بالدعاء" (رواه أحمد والترمذي).

وروى الحاكم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والدعاء ينفع مما نزل، ومما لم ينزل، وإن البلاء لَيَنْزل؛ فيتلقاه الدعاء فيعتَلِجَان إلى يوم القيامة"، وقال ابن عباس: "لا ينفع الحذر من القَدَر، ولكن الله يمحو بالدعاء ما شاء من القَدَر"، وقال أيضاً: "الدعاء يدفع القَدَر". وكان عمر رضي الله عنه يطوف بالبيت وهو يبكي ويقول: "اللهم إن كنت كتبتني في أهل السعادة فأثبتني فيها، وإن كنت كتبتني في أهل الشقاوة والذنب فامحني، وأثبتني في أهل السعادة والمغفرة، فإنك تمحو ما تشاء وتُثْبِت وعندك أم الكتاب"؛ رواه ابن بطة في "الإبانة الكبرى"، واللالكائى. ويُروَى ذلك عن ابن مسعود أيضاً.

وعليه: فلا يجوز أن يدعو الإنسان بالدعاء المذكور، بل يتجنبه؛ لمخالفته للعزيمة في المسألة من جهة، ومن جهة أخرى أن الله تعالى لطيف بعباده في كل قضاء قضاه؛ قال تعالى: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} [الشورى:19]، فَيَشْرُع بدلاً منه أن يدعو الله بردِّ الضَّرر الذي لحق به بحزم؛ فإن كان البلاء لم يقع وإنما يتخوف وقوعه، قال: اللهم لا تُقَدِّر عليَّ كذا وكذا. أو: لا قدر الله. كذا وكذا ونحوها.

وقد سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن هذا الدعاء، فأجاب بقوله:

"هذا الدعاء الذي سمعته: "اللهم إنا لا نسألك رَدَّ القضاء وإنما نسألك اللُّطف فيه" - دعاء محرم لا يجوز، وذلك لأن الدعاء يرد القضاء؛ كما جاء في الحديث: "لا يَرُدُّ القَدَرَ إلا الدعاء"، وأيضاً كأن هذا السائل يتحدى الله يقول: اقض ما شئت ولكن الطف، والدعاء ينبغي للإنسان أن يجزم به، وأن يقول: اللهم إني أسألك أن ترحمني، اللهم إني أعوذ بك أن تعذبني، وما أشبه ذلك. أما أن يقول: لا أسألك رد القضاء .. فما الفائدة من الدعاء إذا كنت لا تسأله رد القضاء؟! والدعاء يرد القضاء؛ فقد يقضي الله القضاء ويجعل له سبباً يمنع، فالمهم أن هذا الدعاء لا يجوز، يجب على الإنسان أن يتجنبه وأن ينصح من سمعه بألا يدعو بهذا الدعاء".اه،،، والله أعلم.