ما حكم المشي بين القبور بالنعال؟

السؤال: ما حكم المشي بين القبور بالنعال؟

الإجابة

الإجابة: من محاسن الشريعة أنها أمرت بصيانة القبور، وحفظها من الامتهان؛ إكراما لأهلها، فاحترام الميت في قبره بمنزلة احترامه في داره التي كان يسكنها في الدنيا؛ فإن القبور دور ساكنيها، ففي صحيح مسلم (971) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر"، وفي جامع الترمذي (1052) عن جابر رضي الله عنه قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تُجَصَّصَ القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبنى عليها، وأن توطأ" قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، كل ذلك صيانة لحرمة أهل القبور، وأما المشي بالنعال بين القبور، فللعلماء في هذا قولان:

فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا بأس بأن يمشي الرجل بنعليه بين القبور، واستدلوا لذلك بما في البخاري (1338) ومسلم (2870) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العبد إذا وُضِعَ في قبره وتُولِّيَ، وذهب أصحابه، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم" فدل ذلك على جواز لبس النعال في القبور.

وذهب الإمام أحمد إلى كراهية المشي بالنعال بين القبور، واستحباب خلعها، واستدل لذلك بما جاء في المسند (20260) وأبي داود (3230) والنسائي (2048) وابن ماجة (1568) أن بشير بن الخصاصية قال: "كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر على قبور المسلمين، فقال: لقد سبق هؤلاء شرا كثيرا ثم مر على قبور المشركين فقال: لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا، فحانت منه التفاتة، فرأى رجلا يمشي بين القبور في نعليه فقال: يا صاحب السبتيتين ألقهما"، والسبتيتان نوع من النعال، وهذا يدل على أن المشي بين القبور بالنعال مكروه.

وأجاب الجمهور عن هذا بأن الأمر بخلع النعلين لمعنى خارج عن محل الخلاف، و ذلك لكونه رأى في نعليه قذرا، أو لكون النعلين مما يكره لبسهما،؛ لكونهما من زِيِّ أهل التنعم والرفاهية.

والذي يظهر أن هذا تأويلا بعيد، قال ابن القيم في تهذيب السنن (2/103): "ومن تدبر نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على القبر، والاتكاء عليه، والوطء عليه علم أن النهي إنما كان احتراما لسكانها أن يوطأ بالنعال فوق رءوسهم"، فالأقرب من هذين القولين أن المشي بين القبور في غير الممرات المعدة للمشاة مكروه، والله أعلم.
11-2-1429ه.

المصدر: موقع الشيخ خالد المصلح