حكم الطرق التي يبتدعها من يسمون أنفسهم أولياء

قضية الأولياء ومن يُعتقد أنهم صالحون في بلدهم، لهم طرق يسأل عنها -سماحة الشيخ- ويرجو التوجيه لو تكرمتم؟

الإجابة

الأولياء هم المؤمنون, وهم الرسل-عليه الصلاة والسلام- وأتباعهم بإحسان هو الأولياء, هم أهل التقوى, هم أهل الصلاح, هم مطيعون لله ولرسول هؤلاء هم أولياء الله سواء كانوا عرباً أو عجماً, بيضاً أو سوداً, أغنياء أو فقراء, حكاماً أو محكومين هم أولياء الله, قال-سبحانه وتعالى- في كتابه العظيم في سورة يونس: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ هؤلاء هم أولياء الله الذين أطاعوا الله ورسوله واتقوا غضبه فأدوا حقه, وابتعدوا عما نهى عنه- سبحانه وتعالى- هؤلاء هم الأولياء, وهم المسلمون الصالحون, وهم المهتدون, وهم أهل الإيمان والتقوى, ليسوا أهل الشعوذة ودعوى الخوارق الشيطانية, أو الكرامات المكذوبة لا ، هم المؤمنون سواء أعطوا كرامة أو ما أعطوا كرامة, أكثر الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم - وهم أتقى الناس وأفضل الناس بعد الأنبياء, وهم أولياء الله ليس لهم كرامات خارقة؛ لأن إيمانهم قوي لا يحتاجون معه إلى خوارق, فليس من شرط الولاء أن يعطى خارقاً يخرق العادة بأن يعطى طعاماً من طريق لا يعرف, أو شراباً من طريق لا يعرف, أو أموالاً أو غير ذلك لا ، العلامة والصفة هي تقوى الله والإيمان بالله هذا هو الولي الذي اتقى الله- جل وعلا- فأطاع أوامره وترك نواهيه هؤلاء هم أولياء الله, وقال-سبحانه-في سورة الأنفال: وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ إن نافية معناه ما أولياؤه إلى المتقون, هؤلاء هم أولياء الله أهل التقوى الذين وحدوا الله, وأخلصوا له العبادة, وآمنوا برسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - ,وبسائر النبيين والمرسلين, وصدقوا بكل ما أخبر الله به ورسوله, وانقادوا لشرع الله, فأدوا ما فرض الله عليهم وتركوا ما حرم الله عليهم هؤلاء هم أولياء الله, ولكن مع ذلك ليس لأحد أن يعبدهم مع الله, فهم مخلوقون مربوبون ليس لهم تصرف في الكون, بل هم عبيد من عبيد الله كالملائكة, كما قالت الملائكة: بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ هؤلاء كذلك من الإنس عباد مكرمون, لا يجوز أن يعبدوا مع الله, فلا ينذر لهم, ولا يتمسح بقبورهم, ولا يطاف بها, ولا يدعون مع الله, كأن يقول يا سيدي اشفع لي, أو يا سيدي اشف مريضي, أو أنا في حسبك, أو أنا بالله وبك, أو ما أشبه ذلك, أو يقول المدد المدد عندما يقف على قبره من بعيد يتوجه إلى جهة بلده ويقول المدد المدد يا سيدي, أو يا فلان كل هذا من الشرك الأكبر, لا يجوز لأي إنسان أن يعبد الأولياء, أو يستغيث بهم, أو ينذر لهم, أو يطلب منهم المدد والعون والغوث هذا لا يجوز, هذا لله وحده يطلب من الله, ويجوز طلبه من المخلوق الحي الحاضر القادر لا بأس يقول يا أخي أغثني في هذا الأمر أنا عندي عائلة كبيرة, وعلي دين أغثني بقرض قال أقرضني بكذا وكذا, أو ساعدني بكذا وكذا, أو ساعدني على إصلاح السيارة تعطلت السيارة ساعدني فعلاً عنده أدوات غيار عنده معرفة يساعده في إصلاحها, أو في المزرعة يساعدك على الحرث, أو على بذر, أو على حصاد, أو في عمارة بيت تعمر بيتك يساعدك على تعمير البيت, وما أشبه ذلك من الأمور الحسية فلا بأس بهذا, كان الصحابة يتعاونون كان الصحابة يستغيث بعضهم في الحرب يقول أعني على كذا إذا تجمع عليهم جند من المشركين تجمعوا وتعاونوا في صده التعاون في قتاله, وهكذا يتعاونون فيما ينوبهم من الحاجات من الديون والحاجات الأخرى, والرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته), هكذا يقول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) متفق على صحته من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -, ويقول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح الآخر: (والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه, فالتعاون بين المسلمين أمر مطلوب, كما قال الله-عز وجل-: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى هذا ليس من الشرك, أما إذا دعوت الميت أو الغائب؛ لأنك تعتقد فيه سر, أو الجبل, أو الصنم, أو الشجر, أو الملائكة, أو إنسان حي لكن تعتقد فيه أن له تصرف ليس من جهة أمور حسية لا، بل تعتقد فيه تصرف وأنك ولو دعوته في ظهر الغيب سمع كلامك ونفعك, وأن له خصوصية في قضاء الحاجات, وأنه يعلم الغيب, أو أنه له سر يقضي به الحاجات هذا هو الشرك الأكبر, هذا اعتقاد أهل الشرك في معبوداتهم من دون الله, فالواجب التنبه لهذا الأمر, وأن يكون المؤمن عنده ميزة عنده فرق يفرق بين حال الميت وحال الحي, حال الشجر, والحجر, والصنم, وحال الحي القادر يسمع كلامك, أو تكاتبه مكاتبة, أو تكلمه بالهاتف بالتلفون, تقول أقرضني كذا, ساعدني على كذا, أو بالتلكس من هذه الوسائل الجديدة كأنه حاضر, أما أن تقول للميت, أو للشجر, أو للحجر, أو الجن, والملائكة تطلبهم وتسألهم هذا هو شرك المشركين هذا لا يجوز؛ لأنه يقع عن اعتقاد سر فيهم وأنك تراهم أهلاً لأن يتصرفوا في الكون, وأنهم عندهم مزية خاصة يستطيعون بها كذا وكذا, وإن لم تباشرهم بالكلام, وإن لم يحصل لهم قوة حسية, فهذا يقع لكثير من المشركين يعتقدون في معبوداتهم أنها تصرف في الكون, وأن لها كرامات بحيث تقضي لهم حوائجهم وتسعفهم بطلباتهم, وإن كانوا أمواتاً, وإن كانوا غائبين لا يسمعون ولا يعون, وهذا من الشرك الأكبر الذي قال الله فيه-سبحانه-: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا, وقال-سبحانه-: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ, وقال-سبحانه-: ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ * إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ- سبحانه وتعالى-, فبين أن دعاء الأموات من دون الله, ودعاء الأصنام, ودعاء الأشجار والأحجار كله شرك, وفي الآية الأخرى قال كفر: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ, فوجب على كل من له أدنى بصيرة, وعلى كل مكلف, وعلى كل عاقل أن يحذر الشرك بالله بجميع أنواعه وصورة, وأن لا يدعوا إلا ربه-سبحانه وتعالى-ويخصه بالعبادة دون كل ما سواه-جل وعلا-, وأما الأمور العادية التي تقع بين الناس من طريق الأسباب الحسية فقد عرفت أيها المستمع أن هذه لا حرج فيها, هذه الأمور الحسية تقع بين الناس في أمور يحتاجون إليها, فيقول الإنسان لأخيه يسمع كلامه يقول يا أخي أقرضني كذا, ساعدني على كذا, أو يكتب له, أو يكلمه هاتفياً, أو بطريق التلكس أنك تساعدني بكذا, أو تتصل بفلان تقول له كذا, أو اشتري لي كذا هذه أمور عادية حسية لا حرج فيها. بارك الله فيكم