أعظم فتنة منذ آدم إلى قيام الساعة

السؤال: كيف نجمع بين حديث الجساسة التي رآها أحد الصحابة وأخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم وأن معها المسيح الدجال، وحديث إن المسيح الدجال يخرج ويولد في آخر الزمان؟

الإجابة

الإجابة:

الحمد لله، 

لقد استفاضت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالإخبار عن المسيح الدجال، فتضمنت الإخبار عن خروجه في آخر الزمان، وأنه يأتي بخوارق باهرة، يكون بها فتنة لأكثر الناس ممن لا بصيرة له، وأنه يقتله المسيح ابن مريم كما تضمنت صفة عينيه، وأنه أعور عين اليمنى كأن عينه عنبة طافية، وأن فتنته أعظم فتنة منذ آدم إلى قيام الساعة، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه ما من نبي إلا أنذر أمته المسيح الدجال"، وقد أنذر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أمته فتنة المسيح الدجال أعظم إنذار، وذكر علاماته تبصيراً للأمة، وأمر صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة بالله من شر فتنة بعد التشهد في كل صلاة، وليس فيما أخبر به صلى الله عليه وسلم من صفته، وأحواله، وعلاماته ما يشكل؛ إلا ما جاء في حديث الجساسة مما يدل على أنه موجود، وموثق، وأنه ينتظر الإطلاق لخروجه.


وحديث الجساسة لم يكن خبراً مبتدأ من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أخبر بقصتها تميم الداري، وقصها على النبي صلى الله عليه وسلم فأقره عليها، بل وقصها النبي صلى الله عليه وسلم حتى عرفت هذه القصة بحديث الجساسة.

وما دل عليه حديث الجساسة من وجود الدجال لا يتعارض مع الأخبار التي فيها أنه يخرج في آخر الزمان، وخروجه في آخر الزمان لا يمنع من وجوده قبل ذلك بمدة طويلة، أو قصيرة قبل ذلك، ولا أعلم أن في أحاديث خروج الدجال تعرض لولادته، وعلى هذا فلا تعارض بين حديث الجساسة المتضمن لوجوده في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، وأحاديث خروجه لكن حديث الجساسة مع حديث خروج الدجال يدل على بقائه، فيشكل ذلك مع ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حدث أصحابه ذات ليلة بعد صلاة العشاء، وقال: "لا يأتي على رأس مائة سنة، وعلى ظهر الأرض ممن عليها اليوم أحد".

فيقتضي هذا بعمومه أنه كل من كان على الأرض لا يبقى بعد رأس المائة سنة فيدخل في ذلك المسيح الدجال، فيقال: والله أعلم لا يمتنع أن يكون ما دل عليه حديث الجساسة من وجود الدجال مخصصاً لعموم حديث لا يأتي على رأس مائة سنة وعلى وجه الأرض ممن كان عليها وقت حديث النبي صلى الله عليه وسلم، هذا والله أعلم بالصواب.