صلاة الليل وقتها وعددها وكيفيتها وصوارفها

كم عدد ركعات صلاة الليل، وهل هي سرية أم جهرية، وهل تصح جماعة، وما هو وقتها؟ علماً أنني أصليها بعد منتصف الليل، وأوقات أصليها قبل ذلك، وأصليها أربع ركعات ثم أوتر بركعة؟ أرجو التوضيح والتوجيه، جزاكم الله خيراً.

الإجابة

صلاة الليل ليس لها عدد محصور، ولو صلى مائة ركعة وأوتر بواحدة، أو أكثر من ذلك لا بأس بذلك، ليس لها عدد محدود، الله جل وعلا ندب إلى صلاة الليل وحث عليها سبحانه وتعالى، في كتابه العظيم، قال جل وعلا: يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً، نصفه أو انقص منه قليلاً، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً، وقال سبحانه وتعالى في وصف عباده المتقين: كانوا قليلاً من الليل ما يهجون، وبالأسحار هم يستغفرون، وقال عن عباد الرحمن: والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً، لكن الأفضل أن يوتر بمثل ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بإحدى عشرة أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة هذا هو الأفضل، وإذا أوتر بأكثر من ذلك بعشرين أو بأربعين أو بأكثر من ذلك، وختم بواحدة فلا بأس بذلك، لقوله - صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (صلاة الليل مثنى، مثنى)، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة، هذا يدل على أن صلاة الليل ليس لها حد، ولهذا قال: (صلاة الليل مثنى، مثنى)، ولم يحدها بحد، عشر أو أكثر أو أقل، قال: (فإذا خشي أحدكم فليصل ركعة واحدة توتر له ما قد صلى)، هذا هو المشروع في هذا الباب، ثم وقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، بعد صلاة العشاء والسنة الراتبة إلى طلوع الفجر، كله محل تهجد بالليل، وأفضل ذلك آخر الليل في الثلث الأخير، هذا أفضل ذلك، وإذا أوتر في أول الليل، أو في وسطه فلا بأس، قد فعل النبي هذا كله، قد أوتر من أول الليل عليه الصلاة والسلام، وأوتر من وسطه وأوتر من آخره كما قالت عائشة رضي الله عنها، ثم استقر وتره في السحر عليه الصلاة والسلام، ولا مانع أن يصليها جماعة بعض الأحيان مع أهله أو مع زواره من غير أن يتخذها عادة، لكن إذا صادف ذلك أنه زاره بعض إخوانه فصلوا جماعة لا بأس، وقد زار سلمان رضي الله عنه أبا الدرداء في بعض الليالي وصليا جماعة في الليل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- زار محل أنس وصلى الضحى بهم جماعة عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أنه إذا صلى النافلة جماعة في بعض الأحيان من غير اتخاذ ذلك عادة راتبة فلا بأس في ذلك ولا حرج في ذلك، وأقله واحدة ولا حد لأكثره، لكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، هذا هو الأفضل، لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم-. من أسئلته سماحة الشيخ، هل هي سرية أم جهرية؟ سرية وجهرية، يجوز أن يجهر ويجوز أن يسر، تقول عائشة رضي الله عنها: كل ذلك قد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم-، فربما جهر بالقراءة وربما أسر عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن يفعل ما هو أصلح لقلبه وما هو أخشع له، فإذا كانت قراءته جهراً أخشع لقلبه جهر،وإذا كانت السرية أخشع لقلبه وأرفق به فعل ذلك سراً. ورد إلى البرنامج بعض الأسئلة حول قيام الليل شيخ عبد العزيز، رأيكم في الصوارف عن قيام الليل؟ وما أكثرها في هذا الزمان؟ المؤمن ينبغي له أن يبذل وسعه في قيام الليل، وإذا خشي ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث جابر عند مسلم: من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، ولأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- أوتر من أول الليل وأوتر من أوسطه وأوتر من آخره، فالأمر واسع، وقد أوصى عليه الصلاة والسلام أبا الدرداء وأبا هريرة بالوتر، أول الليل، والسر في ذلك والله أعلم أنهما كانا يدرسان الحديث فربما شق عليهما القيام في آخر الليل، فأوصاهما بالإيتار قبل النوم، فالمؤمن يجاهد نفسه في هذا والحمد لله ليس بفريضة إنما هو سنة، سنة مؤكدة، كان يفعله النبي في السفر والحضر عليه الصلاة والسلام، في السفر والحضر، الوتر والتهجد بالليل عليه الصلاة والسلام، فمن فعل هذا فقد أحسن ووله أجر عظيم، ومن ترك ذلك فلا حرج عليه، لكنه ترك أمراً عظيماً وسنة كبيرة. صلاة الرجل بأهل بيته، كيف يكون التوجيه بخصوصها شيخ عبد العزيز؟ إن شاء فعل وإن شاء ترك، النبي - صلى الله عليه وسلم- كان يصلي وحده، ما كان يصلي مع أزواجه كان يصلي وحده - صلى الله عليه وسلم-، فإذا جاء الوتر أيقض عائشة لتوتر، فالمقصود أنه - صلى الله عليه وسلم- كان فيما علمنا يصلي وحده عليه الصلاة والسلام في تهجده في الليل، فإذا تهجد الإنسان في الليل وحده لا بأس، وإن صلى بأهله أو بجماعة جاؤوا فلا بأس. شيخ عبد العزيز المرغبات كثيرة في ديننا حبذا لو تفضلتم بذكر بعض منها ولو سيما فيما يخص صلاة الليل؟ مثلما تقدم صلاة الليل عبادة عظيمة وسنة الأنبياء ودأب الصالحين، وهي كما جاء في الحديث تكفر السيئات وتقرب إلى الله عز وجل، وهي من دأب الصالحين قبلنا، فينبغي للمؤمن أن يعتادها وأن يفعلها تأسياً بالأنبياء والأخيار، كما قال سبحانه في عباد الرحمن: والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً، وقال في المتقين: كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، وقال سبحانه في أهل الصلاح والخير: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً، ومما رزقناهم ينفقون، فلا تعلم ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون، فالله جل وعلا في كتابه العظيم رغب فيها كثيراً، وهكذا نبيه عليه الصلاة والسلام، فينبغي للمؤمن أن يستكثر من ذلك، وأن يعتاد ذلك، وألا يخل في ذلك، لا سفراً ولا حضراً. أعود مرة أخرى للصوارف عن قيام الليل؟ من الصوارف، السهر، السهر في القيل والقال، والأحاديث التي لا فائدة فيها، أو في مشاغل الدنيا، من الصناعة والجشع والحرص على المال، يعمل ليلاً ونهاراً في جمع المال والحرص على المال، فإذا سقط في الفراش سقط سقوط الميت، ما يستطيع أن ينهض للعبادة، وربما ترك صلاة الفجر ولا حول ولا قوة إلا بالله، فينبغي للمؤمن أن ينام مبكراً ويجتهد في ذلك حتى يستطيع أن يقوم من آخر الليل، أو يصلي من الليل ما تيسر قبل أن ينام، ثم ينام مبكراً حتى يستطيع القيام لصلاة الفجر ويصليها في جماعة، فمن فعل ذلك فقد أحسن ومن تساهل وقع في مثل ما وقع فيه المنافقون من دفع الخير والحصول على الشر والندامة، قال تعالى: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً، فالمؤمن ينبغي له البعد عن التشبه بهم، بأي حال من الأحوال. أرجو أن نعود إلى البحث والمناقشة حول هذه القضية في حلقات قادمة شيخ عبد العزيز؟ نعم، إن شاء الله.