حكم الطلاق بالثلاث

وقع علي يمين بالطلاق بالثلاث، وسألت رجل علم متوسط فقال لي: أطعم عشرة مساكين، فقمت بإجازة إلى مصر وراجعت زوجتي، هل عملي صحيح أم لا؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فالطلاق بالثلاث أولاً لا يجوز، لأن الرسول-صلى الله عليه وسلم-غضب لما سمع رجلاً طلق بالثلاث جميعاً، قال: (أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم)، وثبت عن ابن عم- رضي الله تعالى عنهما-أنه قال لمن طلق ثلاثاً: قد عصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك" فلا يجوز للمؤمن أن يطلق بالثلاث، بل المشروع أن يطلق واحدة فقط ثم يراجع إذا رغب وإن لم يرغب تركها حتى تنتهي عدتها ثم تزوج من شاء، وليس له الطلاق بالثلاث ولا يجوز، أما من وقع منه ذلك فهذا فيه تفصيل فإذا كانت الطلقات وقعت بالثلاث بكلمة واحدة كأن قال لها أنت مطلقة بالثلاث, أو هي طالق بالثلاث، أو نحو ذلك فهذا يحسب واحدة على الراجح الذي عليه المحققون من أهل العلم يحسب واحدة وله مراجعتها ما دامت في العدة هذا هو المشروع وهذا هو الصواب لما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس-رضي الله عنهما-قال: "كان الطلاق على عهد النبي- صلى الله عليه وسلم-, وعلى عهد الصديق, وفي سنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر للناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم وتابعه الأكثر من الصحابة- رضي الله عنهم وأرضاهم- في إمضائه تأديباً لمن اجترأ عليه، وروي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في رواية صحيحة، وروي عن الزبير بن العوام, وعبد الرحمن بن عوف، أنه يحسب واحدة، وهكذا اختاره جمع من أهل العلم أنه يحسب طلقة واحدة فقط، كما كان في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم-, وفي عهد الصديق, وفي أول خلافة عمر- رضي الله تعالى عنه- وهذا هو الأرجح والأقرب, فإذا كان الطلاق الواقع من السائل بالثلاث بكلمة واحدة فإنها تحسب واحدة عليه، ومراجعتها في العدة صحيحة إذا راجعها في العدة. هو في الحقيقة قال في أول السؤال وقع علي يمين بالطلاق بالثلاث، فسأل وقيل له أطعم عشرة مساكين. هذا محتمل وقوع اليمين محتمل ولعل الذي أجابه وقال ما قال ظن أنه قال مثلاً: عليه الطلاق بالثلاث إن كلم فلان, أو زار فلان, أو فعل كذا فهذا هو الذي يسمى يمين إذا كان قصده من هذا منع نفسه من هذا الشيء المعين من الكلام أو الزيارة أو نحو ذلك, أما إذا كان قصده من ذلك أنه قال هي طالق بالثلاث كما يقول بعض الناس نسميها يمين، يسمي هذا يمين فهذا يقع طلقة واحدة, والذي أفتى بالكفارة لا وجه لهذا. هو أعلم بنفسه والواقع منه. السائل أعلم بنفسه فإن كان طلق بالثلاث طلقة واحدة وسماها يميناً فهذا ليس بيمين ويقع واحدة وله أن المراجعة ما دامت في العدة كما وقع، أما إن كان قال عليه الطلاق ألا يفعل كذا، عليه الطلاق إن يفعل كذا، هذا هو الذي يسمى يمين إذا كان قصده من هذا المنع, أو الحث على الشيء, أو التصديق, أو التكليف هذا يسمى يمين وعليه فيها كفارة يمين على الراجح إذا كان ما قصد الطلاق لم يقصد إيقاع الطلاق, وإنما قصد منع نفسه من هذا الشيء أو حثها على هذا الشيء، فهذا هو الذي يسمى يمين والأرجح فيه أنه يكفر كفارة اليمين وتجزؤه ولا يقع طلاق ولا يقع شيء من الطلاق على زوجته فينبغي للسائل أن ينتبه لهذا.