الوفاء بالنذر

نذرت لله تعالى أن أذبح عجلاً لتفضله علي بزيارة الحرمين الشريفين، وفي نيتي وكما هو متبع في بلدنا ولتقارب المستوى المعيشي فلا يوجد الفقير المعدم ولا والغني المترف، فقصدي أن أذبحه وأولم وليمةً ثم أدعو كل المسلمين في بلدنا، ثم أدعو شيخاً وعالماً جليلاً معروفاً عندنا يقوم بوعظ المسلمين، وإقامة حلقات الذكر والاستغفار والتسبيح والتحميد لله والصلاة على رسوله -صلى الله عليه وسلم- في ليلة محددة، ويتناولون طعام العشاء، ثم نقضي ليلتنا تلك في ذكر الله والصلاة والتسبيح والتحميد، فهل في ذلك شيء يخالف شريعة الله، أو لا أكون بذلك قد وفيت بنذري؟

الإجابة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن النذر منهي عنه، قد نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً وإنما يستخرج به من البخيل) لكن من نذر طاعة لله سبحانه كالصلاة والصوم وذكر لله -سبحانه- فإنه يوفي بهذا لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصيه) أخرجه البخاري في صحيحه، فعليك أيها الأخ السائل أن توفي بنذرك بذبح العجل وتوزيعه، صلح الوليمة كما نويت ولا بأس بذلك، للفقراء وغيرهم من أقاربك وجيرانك على حسب ما نويت، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، وإحضار العالم للتذكير والوعظ بمناسبة اجتماع المسلمين هذا شيء طيب، كذلك إذا سبحوا الله، وذكروا الله سبح الله في نفسه، ذكر الله في نفسه كل هذا عمل صالح. أما الاجتماع على أذكار مخصوصة، وتسبيح مخصوص بصوت مخصوص جماعي هذا لا دليل عليه، وليس له أصل في الشريعة فيما نعلم، لكن إذا سبح كل واحد، واستغفر كل واحد في نفسه، وذكروا الله في أماكنهم، وسبحوا الله في أماكنهم، واستغفروه -سبحانه وتعالى- وشكروه، هذا كله طيب، وإذا كان في اجتماعهم قراءة للأحاديث الصحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو قراءة للقرآن وهم يستمعون والعالم يفسر لهم معنى الآيات ومعنى الأحاديث هذا كله طيب. أما الحلقات التي يفعلها الصوفية على أذكار مخصوصة وأصوات مخصوصة ونغمة من النغمات المخصوصة فهذه لا أصل لها، بل هي من البدع، ولكن اجتماع الناس على العلم وقراءة القرآن واستماعه، وسماع كلام أهل العلم وتذكيرهم ووعظهم وتفسير الآيات للحاضرين، كل هذا طيب، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية، ويكون هذا في يوم معين أو وقت معين من الليل لا بأس، إلا أن يكون يقصد بذلك تعظيم ليلة مخصوصة مثل ليلة المولد هذا لا يجوز، لأن الموالد بدعة، والاحتفال بها من البدع المحدثة في الدين على الصحيح من أقوال العلماء، وقد تنازع العلماء المتأخرون في ذلك فزعم بعضهم أنه سنة وأن إقامة الأعياد لا بأس بها ولكنه قول مرجوح وضعيف، والصواب أن الاحتفال بالموالد بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ....... ذلك في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وفي قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، والدليل على هذا مع الحديثين المذكورين أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يفعل ذلك في حياته، ولا فعله أصحابه بعد وفاته لا الصديق -رضي الله عنه- ولا عمر -رضي الله عنه- ولا عثمان ولا علي -رضي الله عنهما- ولا بقية الصحابة، كذلك ما فعله التابعون ولا أتباع التابعين في مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا في مولد غيره، فدل ذلك على أنه بدعة، والخير كله في اتباع السلف الصالح، والسير على منهاج نبينا -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، والنبي -صلى الله عليه وسلم-، يذكر والحمد لله في كل وقت: في الأذان والإقامة خمس مرات في اليوم والليلة، في التشهد الأول والتشهد الثاني، في سائر الأوقات يصلى عليه -عليه الصلاة والسلام-، فليس بحاجة إلى هذه البدعة، وهكذا سيرته -صلى الله عليه وسلم- يجب أن تدرس في المدارس والمعاهد والمساجد والكليات حتى تعرف سيرته -عليه الصلاة والسلام-، وحتى يتأسى بأقواله وأفعاله -عليه الصلاة والسلام-، فليس المسلمون بحاجة إلى بدعة المولد، فينبغي لأهل العلم أن ينتبهوا لهذا الأمر، وأن يوضحوا للعامة طريق أهل السنة والجماعة في هذا الباب غيره. نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق، وصلاح النية والعمل.