حكم الصلاة في مسجد به قبر

أنا من جمهورية مصر العربية، ويوجد بالبلدة التي أعيش فيها مسجد به قبر في غرفة بطرف المسجد، يفصل بينهما باب، أصلي بهذا المسجد أحياناً، أنكر عليَّ بعض الأشخاص، وقال: لا تصلي في هذا المسجد؛ لأن فيه قبر، أستشيركم في هذا الموضوع، جزاكم الله خيراً.

الإجابة

إذا كان القبر خارج سور المسجد، فلا يضرك الصلاة في المسجد، ولكن ينبغي مع هذا إبعاده عن المسجد مع المقبرة حتى لا يحصل تشويش على الناس، أما إذا كان في داخل المسجد، فإنك لا تصلي في المسجد لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذ الله قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته، ولقوله أيضاً -عليه الصلاة والسلام-: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك) أخرجه مسلم في صحيحه، والرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن اتخاذ القبور مساجد، فلا يرسى لنا أن نتخذها مساجد سواءٌ كانت القبور للأنبياء، أو للصالحين، أو لغيرهم مما لا يعرف، فالواجب أن تكون القبور على حدة في محلات خاصة، وأن تكون المساجد سليمة من ذلك لا يكون فيها قبور، ثم الحكم فيه تفصيل، فإن كان القبر هو الأول أو القبور، ثم بُني المسجد، فإن المسجد يهدم ولا يجوز بقائه على القبور؛ لأنه بني على غير شريعة الله فوجب هدمه أما إن كانت القبور متأخرة والمسجد هو السابق، فإن الواجب نبشها ونقل رفاتها إلى المقبرة العامة، كل رفاة قبر توضع في حفرة خاصة ويواسى ظاهرها كسائر القبور، حتى لا تمتهن وتكون من تبع المقبرة التي دفن فيها الرفات، حتى يسلم المسلمون من الفتنة في القبور والرسول -صلى الله عليه وسلم- حين نهى عن اتخاذ المساجد قبور مقصوده -عليه الصلاة والسلام- سد الذريعة التي توصل إلى الشرك؛ لأن القبور إذا وضعت في المساجد يغلوا فيها العامة، ويظنون أنها وضعت، لأنها تنفع، ولأنها تقبل النذور؛ ولأنها تُدعى ويستغاث بأهلها فيقع الشرك، فالواجب الحذر من ذلك، وأن تكون القبور بعيدة عن المساجد تكون في محلات خاصة وتكون المساجد سليمة من ذلك، وقد يغتر بعض الناس بوجود قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبر صاحبيه في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، فينبغي أن نبين ذلك وأن نوضِّح أن هذا الوجود إنما حدث في عهد الوليد بن عبد الملك في آخر المائة الأولى من الهجرة، وكان أمراً غلطاً من الأمير، وكان لا ينبغي له أن يدخل حجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد ولكنه اجتهد ودخَّلها من باب التوسعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- قبر في بيته بيت عائشة، ثم دفن معه أبو بكر، ثم دفن معهما عمر -رضي الله عنهما-، فعلم بهذا أنه لم يدفن في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- لا هو، ولا صاحباه، بل في بيته -عليه الصلاة والسلام- فليس هناك حجة فيمن تأسى بهذا الأمر، فإن الممنوع المحرم أن يدفن الميت في نفس المسجد، أو يبنى عليه المسجد هذا هو المحرم والمنكر. جزاكم الله خيراً