الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد :
أما وقت الفطام :
حَدَّدَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ مُدَّةَ الْحَمْلِ وَالرَّضَاعِ
بِثَلاثِينَ شَهْرًا فِي قَوْله تَعَالَى :{ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ
شَهْرًا } وَنَصَّ فِي آيَةٍ أُخْرَى عَلَى مُدَّةِ الرَّضَاعِ
فَقَطْ فَقَالَ :{ وَالْوَالِدَاتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ
يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ } وَصَرَّحَ فِي آيَةٍ ثَالِثَةٍ بِأَنَّ
الْفِطَامَ يَكُونُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ فَقَالَ : { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } , وَمِنْ
الْوَاضِحِ أَنَّ الْعَامَيْنِ يبدأن مِنْ الْوِلادَةِ .قَالَ
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَالْمُفَسِّرِينَ : الْحَوْلانِ غَايَةٌ
لإرْضَاعِ كُلِّ مَوْلُودٍ . وَعَنْ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ
السَّدُوسِيِّ أَنَّ إرْضَاعَ الأم الْحَوْلَيْنِ كَانَ فَرْضًا ,
ثُمَّ خُفِّفَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ
الرَّضَاعَةَ } .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا :
إنَّ إرْضَاعَ الأم الْحَوْلَيْنِ مُخْتَصٌّ بِمَنْ وَضَعَتْ
لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ , وَمَهْمَا وَضَعَتْ لأكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ
أَشْهُرٍ نَقَصَ مِنْ مُدَّةِ الْحَوْلَيْنِ . وَالْغَايَةُ مِنْ
التَّحْدِيدِ دَفْعُ اخْتِلافِ الزَّوْجَيْنِ فِي وَقْتِ الْفِطَامِ ,
إذْ الْمُدَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا لِلرَّضَاعِ هِيَ سَنَتَانِ
عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُمَا التَّنْقِيصُ مِنْهُمَا إذَا
تَشَاوَرَا وَتَرَاضَيَا . عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّرَاضِي عَنْ
تَفَكُّرٍ لِئَلا يَتَضَرَّرَ الرَّضِيعُ , وَاعْتُبِرَ اتِّفَاقُ
الأبوين لِمَا للأبِ مِنْ النَّسَبِ وَالْوِلايَةِ , وَلِلامِّ مِنْ
الشَّفَقَةِ وَالْعِنَايَةِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ
مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا } قَالَ ابْنُ
الْعَرَبِيِّ : الْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا جَعَلَ
مُدَّةَ الرَّضَاعِ حَوْلَيْنِ بَيَّنَ أَنَّ فِطَامَهَا هُوَ
الْفِطَامُ , وَفِصَالَهَا هُوَ الْفِصَالُ , وَلَيْسَ لأحَدٍ عَنْهُ
مَنْزَعٌ , إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الأبَوَانِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ
ذَلِكَ الْعَدَدِ مِنْ غَيْرِ مُضَارَّةٍ بِالْوَلَدِ , فَذَلِكَ
جَائِزٌ بِهَذَا الْبَيَانِ .
وأما كيفية الفطام فذلك راجع إلى أعراف الناس وما يكون أصلح للطفل،
ليس في ذلك تحديد من الشرع والله أعلم.